هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين
بعد حوالي خمس سنوات، شهدت فيها المملكة حراكا لافتا في مضمار ريادة الأعمال لا سيما في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أصبحنا اليوم بحاجة إلى دراسة جادة ترصد هذا الحراك وتحلّله، وتظهر نتائجه الإقتصادية، وخصوصا أن كل الدراسات العالمية تشير إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه ريادة الأعمال في تنمية الإقتصاد والتوظيف.
فاليوم لا يوجد دراسات محلية تبيّن لنا ما التعريف الصحيح لريادة الأعمال، ولا يوجد أرقام أو بيانات موحدة توضح ما عدد الشركات الريادية العاملة في المملكة ؟، ومساهمتها في التوظيف، إحصاءات تشير الى الشركات الناجحة، وحتى التي فشلت وخرجت من السوق، وفي اي قطاع تتركّز الشركات الناشئة الأردنية؟، وما هي المعوقات التي تحول دون نجاح الشباب في تاسيس شركاتهم الخاصة وتوسيع نطاق عملياتها؟.
نحتاج إلى مثل هذه الدراسة المحلية – التي يمكن أن تقوم بها الحكومة بالتعاون مع جهات كثيرة معنية بريادة الأعمال في المملكة – لبيان أثر هذا المفهوم على الشباب والإقتصاد، في وقت تشير فيه كل الدراسات الإقليمية والعربية إلى الاردن بشكل أو باخر وريادته سواء في توجّه الشباب لريادة الأعمال، أو زيادة عدد حاضنات ومسرّعات الأعمال في المملكة، وتسابق شركات القطاع الخاص لعمل مبادرات وبرامج مسؤولية إجتماعية في مجال دعم الشركات الناشئة.
لقد أظهرت دراسة إقليمية لمؤسسة ” ومضة” المعنية بريادة الاعمال – نشرت نتائجها في شهر ايلول (سبتمبر) الماضي – ان أكثر من 60 % من المنظمات الداعمة للشركات الناشئة تتواجد في مصر والأردن ولبنان والإمارات، ما يدلل على مكانة واهتمام الاردن بقطاع ريادة الاعمال.
وما يزال الأردنيون يقبلون على ريادة الأعمال ، وهذا يتضح من إستطلاع للرأي قام به موقع ” بيت دوت كوم” ونشرت نتائجه قبل اسابيع، حيث كان 66% من المجيبين في الأردن يفضّلون خوض تجربة ريادة الأعمال.
إنّ من شأن إنجاز دراسة محلية أن تظهر فيما إذا كان من نشهده من حراك في ريادة الأعمال هو ” ريادة أعمال حقيقية” أم ” موضة عابرة” تعلّق بها الشباب وبأحلامها لتأسيس مشاريع خاصة بعيدا عن الوظيفة التقليدية، وفي مواجهة شبح البطالة تلك الظاهرة التي تقول الأرقام الرسمية بأنّها ما تزال تدور حول نسبة 13% في الأردن.
لا شكّ بأنّ ما شهدته المملكة من حراك ريادي هو أمر إيجابي لنشر ثقافة الريادة في المملكة، وتشجيع الشباب على تطبيق مفاهيم ” العمل الحرّ” و على ” الإبتكار” والإبداع، ولكننا يجب ان نقف على واقع وحجم وشكل بيئة ريادة الاعمال في المملكة اليوم لا سيما في قطاع متسارع النمو والتطور مثل قطاع تكنولوجيا المعلومات من خلال إجراء الدراسة المقترحة ، حتى نفهم ايضا النماذج التي طبقت في دعم وارشاد والإستثمار في الشركات الريادية ومدى نجاعتها، وخصوصا ان بعض الجهات الداعمة لريادة الاعمال قد استوردت وطبقت بعض الافكار الغربية في دعم واحتضان رياديي الاعمال.
أعتقد بان الوقت مناسب لإجراء مثل هذه الدراسة على المستوى المحلي، للوقوف ورصد الشركات التي نجحت، وأسباب نجاحها، والتركيز عليها كقصص نجاح لشركات ريادية اخرى بدات الطريق للتو، كما أنه من المهم أن تحوي هذه الدراسة محوراً رئيسياّ للشركات الفاشلة التي خرجت من السوق ، وأسباب فشلها حتى يتجنبّها الرياديون الجدد.
كما أن مثل هذه الدراسة على جانب كبير من الاهمية لمعرفة ورصد حجم الاستثمار في الشركات الريادية الاردنية، وتوجهات الاستثمار، وكيفيات تعظيمه، وخصوصا ان شركات ريادية تشكو في كثير من الاحيان من ضعف ثقة وثقافة الاستثمار في شركات ريادية لا سيما في قطاع يقوم على الافكار غير الملموسة مثل قطاع تكنولوجيا المعلومات.
يعمل القائمون على قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على صوغ مبادرة ” ريتش 2025″ المعنية بإعادة قطاع تكنولوجيا المعلومات إلى سكة النمو ، وهم يشاركون ويشجعون اليوم رياديي الاعمال في القطاع لإقتراح أفكار من شانها تطوير بيئتهم الريادية والقطاع ، وهنا الفرصة مواتية لاجراء الدراسة موضع حديثي وتضمينها للميادرة وخططها التنفيذية للمساهمة في توجيه رياديي الأعمال الى الطريق الصحيح ما من شانه إنجاح ” ريتش 2025″ واعادة القطاع الى دائرة المساهمة الفعالة في الإقتصاد الاردني.











