الرئيسيةريادة

فن الإدارة .. معادلة الحفاظ على الموظفين والعملاء أصبحت أصعب

هاشتاق عربي - فايننشال تايمز - الاقتصادية - جوناثان مولز

شارك هذا الموضوع:

أطلق خوسيه نيفيز (47 عاما) خدمة فارفيتش بعد أسبوعين من انهيار بنك ليمان براذرز في عام 2008. حينها بدأ العمل مع مجموعة صغيرة من المبرمجين وموظفي العمليات في مكتب ضيق في منطقة كليركينويل في لندن.

ويبدأ خوسيه نيفيز كل يوم بممارسة التأمل البوذي. مؤسس فارفيتش، وهي سوق على الإنترنت لبيع الأزياء الفاخرة يقول “لقد اعتدت على ممارسة التأمل منذ كان عمري 13 عاما، عندما لم أكن أعرف شيئا عن البرمجة”. يضيف “لم يجعلني أي من هذين الأمرين مشهورا في المدرسة”.

اكتسبت الشركة زخما عن طريق استمالة متاجر الأزياء الصغيرة أولا، التي كانت بحاجة إلى وجود لها على الإنترنت، ثم عندما وصلت إلى أعداد كبيرة من الجماهير، استخدمت الانتشار الذي حققته لجذب علامات تجارية مثل شانيل.
فارفيتش هي الآن شركة عالمية مدرجة في بورصة نيويورك، ويعمل فيها أكثر من 5400 موظف وما يزيد على 1300 بائع، لكن المسيرة لم تخل من العقبات.
لا تزال لندن هي مقر فارفيتش، لكن لديها مكاتب كبيرة في البرتغال، موطن نيفيز الأصلي، وكذلك في الصين، إيطاليا، البرازيل، والولايات المتحدة. في عام 2018 أطلقت الشركة طرحا عاما أوليا في نيويورك، حيث تم التداول عليها بسعر يزيد على 42.3 في المائة عن سعر العرض في اليوم الأول، وحققت فارفيتش تقييما تجاوز 5.8 مليار دولار.
في آب (أغسطس) 2019 أعلنت استحواذها على نيو جاردز جروب مقابل 675 مليون دولار، وهي شركة تملك علامات تجارية للأزياء غير الرسمية الراقية، مثل أوف وايت، وذلك من أجل التأسيس لعلامة تجارية خاصة بمنصتها، من شأنها احتضان علامات جديدة تباع حصرا على سوق فارفيتش. وقد أدى هذا الإعلان إلى عمليات بيع لأسهم الشركة، ما تسبب في انخفاض سعر السهم 40 في المائة خلال يوم واحد.
يعترف نيفيز بأنه لم يقم في ذلك الوقت بما يكفي لشرح هذه الاستراتيجية – التي يشبهها بانتقال نتفليكس إلى إنتاج محتوى أصلي. يقول “دورنا نحن هو القيام بالتواصل”.
وعندما ظهر فيروس كوفيد – 19 امتنع المستثمرون عن الانخراط في تجارة التجزئة التي لا تقدم منتجا أساسيا. فانخفض سعر سهم الشركة الذي بلغ 28.45 دولار في اليوم الأول من التداول إلى 7.05 دولار في آذار (مارس) 2020.
يقول نيفيز “لقد خالجتني كل المشاعر التي تتوقعها، من الشعور بالمفاجأة من رد فعل الأسواق إلى خيبة الأمل في أنفسنا لأننا لم نتمكن من إيصال الرسالة الصحيحة”.
يضيف “بالنسبة لي كان الأمر حينها يتعلق بالانتقال من تلك الحالة العاطفية. حسنا، لقد حدث ما حدث، وكان مخيبا للآمال، هذا ليس ما كنا نتوقعه”، إلى حالة “ماذا يتعين علينا فعله حيال ذلك؟”.
نحن نتحدث من داخل مقر فارفيتش، وهو برج زجاجي في شارع أولد ستريت يطل على دوار السيليكون.
وصل نيفيز في سيارة أجرة من منزله بالقرب من ريجينتس بارك، حاملا قهوة مثلجة من ستاربكس لأن مطبخ الشركة لا يزال غير مجهز.
يقول “لقد أعدنا فتح هذا المكتب الأسبوع الماضي فقط”، مضيفا أنه تم الإبقاء على جميع الموظفين حيث استمروا في العمل من المنزل طيلة فترة الوباء. وهذا يشمل الموظفين في براونز، وهو بوتيك أزياء افتتح لأول مرة في مايفير عام 1970، استحوذت عليه فارفيتش في عام 2015.
يقول أيضا “لقد كنا نقول دائما إن أكبر مشكلة تواجهنا هي جذب الموهوبين إلينا، لذلك لا نريد أن نخسر هؤلاء الناس”. ويضيف “لكننا لم نتخل عن أي شخص، ولم نطلب أي مساعدات من الحكومة لندفع للموظفين. حتى إننا لم نقتطع مكافآتهم. وأنا سعيد جدا، لأنه بفضل جهود كل فرد في الشركة تمكنا من تحقيق ذلك كله”.
سابقا في عام 2019، كان المبنى مكتظا حيث تجمع الموظفون للاستماع إلى نيفيز وهو يطلعهم على آخر أخبار الاستحواذ المثير للجدل على منصة نيو جاردز. حينها تم جعل جميع موظفي فارفيتش مساهمين في الاكتتاب العام، وأصبح نيفيز منذ ذلك الحين يستضيف اجتماعا مفتوحا بعد أي إعلان في السوق. ويقول إن عدد الحضور كان جيدا في ذلك الاجتماع بالتحديد.
يقول “إن للتواصل في مثل هذه اللحظات أهمية كبيرة، وكانت رسالتنا واضحة جدا، نحن لسنا هنا من أجل إرضاء المساهمين. لكن مسؤوليتنا هي أن نكون متواضعين للغاية، وأن نوضح لمساهمينا، ونستمع إليهم، ثم نقوم بالعمل الصائب”.
وهو يعتقد أن رد الفعل، أو بالأحرى عدم اتخاذ أي إجراء، من قبل الموظفين – حيث يحتفظ كلهم تقريبا بأسهمهم بدلا من بيعها بعد الإعلان عن نيو جاردز – كان دليلا على أن الرسالة كانت صحيحة. “أعتقد أن الناس كانوا متآزرين. قالوا ’دعونا نثبت خطأ البائعين على المكشوف‘”.
بعد مخاطبة القوى العاملة لديه، ذهب نيفيز لشرح الاستراتيجية لمديري المحافظ التابعة لأحد أكبر المساهمين في شركته، وهي شركة تي رو برايس.
ويستذكر “في نهاية الاجتماع، اقتادنا أحد مديري المحافظ إلى الباب، وهو أمر على غير العادة أبدا. وقال ’اسمع، أنا لا أتذكر أن شركة ما فعلت هذا الأمر. وعندما يحدث مثل هذا الأمر، فإن الناس عادة ما يدفنون رؤوسهم في الرمال ويختفون. ولقد فوجئنا برغبتك في عقد هذا الاجتماع. وغمرنا الشعور بالفضول. ما الذي جاء ليقوله؟ لقد كان ذلك جيدا بالفعل. إن هذا التصرف هو ما يرسخ إيماننا أكثر بالشركة‘”.
كان هناك أيضا سبب استراتيجي للاجتماع. يقول نيفيز “لقد ساعدنا هذا الاجتماع مرة أخرى في الحفاظ على السكينة. كان رد فعلنا دعونا نأخذ نفسا عميقا. فلدينا بيانات التداول كل ساعة. والأهم من ذلك كله، أن قرارنا كان في صالح دعم المجتمع الإبداعي”.
في آذار (مارس) 2020، ومع استحكام الجائحة العالمية، جمع نيفيز فريقه الأعلى مرتبة معا لإنشاء حملة تهدف إلى مساعدة الشركات الصغيرة التي تبيع البضائع الفاخرة، وذلك باستخدام هاشتاق #supportboutiques ادعموا البوتيكات.
تم إطلاق الحملة بعد شهر، حيث قدمت فارفيتش خدمة توصيل مجانية لعملائها من تجار التجزئة من ستة مراكز توزيع إقليمية تابعة للشركة، إضافة إلى إطلاق حملة إعلانية باستخدام هاشتاق ادعموا البوتيكات.
يقول نيفيز إن الانتعاش في مبيعات السلع الفاخرة في الأشهر التي أعقبت ذلك عوض أي تكاليف مترتبة على الحملة، إضافة إلى أنها رسخت لسمعة طيبة مع قاعدة عملاء فارفيتش العالمية.
ارتفعت الإيرادات في عام 2020 نحو 60 في المائة إلى 1.67 مليار دولار، على الرغم من تضخم الخسارة قبل الضرائب من 372 مليون دولار إلى 3.35 مليار دولار، ويرجع جزء كبير من ذلك إلى عمليات شطب كبيرة في هيكل تحوط من الأوراق المالية القابلة للتحويل. ويقول نيفيز إن النمو في هذا العام، مدفوعا بنمو سوق المنتجات الفاخرة عبر الإنترنت، سيمكن فارفيتش من تسجيل أول ربح لعام بأكمله.
كما عززت الشركة مكانتها في نهاية العام الماضي باستثمار قيمته 1.1 مليار دولار من شركة التجارة الإلكترونية الصينية علي بابا، ومجموعة السلع الفاخرة السويسرية ريتشمونت.
وفي نيسان (أبريل) من هذا العام، افتتحت منصة براونز متجرا رئيسا جديدا في لندن، حيث تمزج فيه بين أحدث التقنيات، مثل تكنولوجيا الواقع المعزز في المرايا داخل المتجر، التي تمكنك من رؤية نفسك مرتديا الملابس المعروضة للبيع، مع تجديد المظهر بشكل فاخر.
يقول نيفيز “لا يزال هناك متسع للمحال الفعلية التي تبيع بالتجزئة، لكننا نجعلها رقمية”.
يعكس افتتاح متجر براونز الجديد مكانة لندن بحسبانها قاعدة للعلامات التجارية الفاخرة، على الرغم من أن فرصة النمو لشركة فارفيتش تكمن في الصين، بينما تأتي ثروتها من الأسواق الأمريكية.
يقول نيفيز “سنبقى في لندن”. ويضيف “من الواضح أن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي جعل الأمر أكثر صعوبة فيما يتعلق بإصدار التأشيرات وتصاريح العمل للأشخاص الذين نوظفهم من أجزاء أخرى من أوروبا. لكن لندن مدينة رائعة، ولا يتطلب الأمر جهدا كثيرا لإقناع الناس بالقدوم من مكان آخر للعيش والعمل هنا”.
إنه يتوقع إيجاد مزيد من الوظائف هذا العام لأن الجائحة تركت فارفيتش في وضع أقوى بكثير. يقول، “ما قلنا إنه سيحدث في غضون ثلاثة أو خمسة أو سبعة أعوام ربما تم ضغطه في فترة زمنية أصغر بكثير”.

3 أسئلة لخوسيه نيفيز

من هو بطلك في القيادة؟
كان علي أن اختار غاندي لمجرد قدرته على الجمع بين الناس وحل النزاعات مع الالتزام بعدم العنف.
ما هو أهم درس في القيادة لديك؟
العقلية المنفتحة هي أهم درس في القيادة لأنني لا أعتقد أن هناك أسلوب قيادة واحدا يناسب الجميع. كل شركة تحتاج إلى قائد من نوع مختلف. لكن حتى في شركة ذات أسلوب قيادة محدد يحتاج ذلك القائد إلى المرونة. هناك أوقات تكون فيها أكثر حزما، وهناك أوقات تكون فيها أكثر جماعية، وهناك أوقات تكون فيها قائدا على الجانب الإنساني للأشياء، وهناك وقت لتكون قائدا على جانب الأداء للأشياء، لذلك لا ينبغي أن تكون إما هذا أو ذاك، لكن كن متواضعا لتتغير باستمرار.
ماذا كنت ستفعل لو لم تكن مؤسس فارفيتش؟
عندما كنت طفلا صغيرا كنت أرغب في أن أصبح رائد فضاء، لكن البرتغال ليس لديها برنامج فضاء، لذلك أدركت بسرعة أن ذلك لن يحدث. الآن بعد أن أصبح ذلك ممكنا، سأنتظر حتى تنخفض الأسعار وتصبح التكنولوجيا أكثر موثوقية أو على الأقل تم اختبارها وإثباتها. لا أخشى الاضطراب على الطائرات، لكن الصواريخ شيء مختلف تماما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى