أجهزة ذكية

محاولات صينية لإنتاج هواتف ذكية أكثر أمناً

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي
تشهد الصين تنامي محاولات تصنيع هواتف ذكية آمنة تعتمد أساساً على مكونات محلية الصنع، في مسعى لقطع الارتباط مع المورّدين الأميركيين، وحماية هواتفها المحمولة، لاسيما تلك التي يستخدمها موظفو الحكومة، من الرقابة الأميركية.
وتجمع هذه الجهود بين الشركات المملوكة للدولة وشركات التكنولوجيا الخاصة، وتُؤشر إلى أحدث خطوات بكين في سبيل تطوير تكنولوجيا محلية المنشأ تستبعد الشركات الأميركية. وطالما أبدى المسؤولون الصينيون انزعاجهم من سيطرة الشركات الأميركية على أنظمة تشغيل الهواتف الذكية والمعالجات، وهما الأجزاء الأكثر عرضة للاختراق.
وتنقسم سوق الهواتف الذكية في الصين، التي تُعد الأكبر في العالم، بين نظام «آي أو إس» من شركة «أبل»، ونظام «أندرويد» من «غوغل»، وقبل سنوات لم يكن هناك الكثير مما يمكن للصين تقديمه في هذا الإطار بسبب تأخر التكنولوجيا.
ومما يلفت النظر إلى الاهتمام بمسألة تطوير الهواتف محلياً الانتقادات التي وجهت للسيدة الأولى، قرينة الرئيس الصيني، بنغ لي يوان، بسبب استخدامها هاتف «آي فون»، ما دفعها للتحول علانيةً إلى هاتف «زد تي إي نوبيا زد 5»، لكن حتى هذا الجهاز الصيني يعتمد على معالج من إنتاج شركة «كوالكوم» الأميركية، ويعمل بنظام «أندرويد» من «غوغل».
وفي الوقت الراهن يُحرز عدد من شركات التكنولوجيا الصينية تقدماً في المساعي لقطع الصلات بشركات التكنولوجيا الغربية. وتشجع الصين رسمياً هذه الجهود التي لاقت دعماً كبيراً بعد ما كشف عنه في عام 2013 المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية، إدوارد سنودن، من تجسس الوكالة وفتحها «أبواباً خلفية» للتجسس في بعض المعدات الأميركية التي تُباع خارج البلاد.
وتسعى شركة «زد تي إي» الصينية لتطوير هاتف ذكي آمن لاستخدام الهيئات الحكومية، يعتمد على نظام تشغيل مطور داخلياً، ومعالج من تصنيع شركة صينية، بحسب ما قال متحدث باسم الشركة. وعلى نحو منفصل، ذكرت شركة «سبريدترم كومينكشنز» Spreadtrum Communications، أكبر شركات تصنيع الرقائق الإلكترونية في البلاد، أنها ستبدأ، بحلول نهاية العام الجاري، الإنتاج الواسع لرقائق تدعم نظام تشغيل صينياً.
وأخيراً انضمت شركة «علي بابا» الصينية إلى وزارة الأمن العام في الصين من أجل تطوير نظام تشغيل لضباط الشرطة يوصف باعتباره أكثر أمناً.
وتستهدف جميع هذه المساعي مجموعات محددة من الوكالات الحكومية والشركات المملوكة للدولة، ومن غير المرجح أن تلقى رواجاً لدى المستهلكين العاديين. وعلى سبيل المثال يفتقر الهاتف الآمن من إنتاج «زد تي إي» إلى الكاميرا، وتقنية تحديد المواقع الجغرافية «جي بي إس»، وتقنيات الاتصالات اللاسلكية، مثل «بلوتوث» و«واي فاي» بهدف الحد من المخاطر الأمنية.
ومن المستبعد أن يكون لهذا الاتجاه تأثير كبير على مشتريات السوق الصينية من مكونات الهواتف والبرمجيات الأميركية. ويُقدر المُحلل في شركة «آي دي سي» لأبحاث السوق، جيمس يان، أن الهواتف الآمنة ربما تشكل 3% من مبيعات الهواتف الذكية في الصين خلال العام المُقبل، أي ما يعادل مليوني هاتف. لكن في حال وجدت المزيد من أنظمة التشغيل والمكونات المصنوعة محلياً سبيلها إلى الأجهزة المُوجهة للمستهلكين، فمن المحتمل أن يثير ذلك تحدياً لنظام تشغيل «أندرويد» الذي تقدمه «غوغل»، وسيطر على 82.8% من الهواتف الذكية في العالم في الربع الثاني من العام الجاري، بحسب بيانات «آي دي سي»، وكذلك لشركة «كوالكوم» التي مثّلت معالجاتها 52% من سوق الهواتف الذكية، العام الماضي، على الصعيد العالمي، وفقاً لبيانات «استراتيجي أناليتكس».
وفي الواقع تتخوف شركات التكنولوجيا الأميركية من السوق الصينية، وسجلت مبيعات شركات تتخصص في تصنيع معدات الشبكات والحوسبة، مثل «آي بي إم» و«سيسكو سيستمز» تراجعاً في الصين، في ظل إقبال الهيئات الحكومية والشركات المملوكة للدولة على الشراء من الموردين المحليين، مثل شركة «إنسبور غروب» Inspur Group لصناعة الخوادم و«هواوي تكنولوجيز» لمعدات الاتصالات.
وبينما لم تنشر شركة «سيسكو» أرقاماً تخص مبيعاتها في كل منطقة على حدة، إلا أنها ذكرت أن تسريبات سنودن أثرت في مبيعاتها بالصين. وعزت «آي بي إم» انتكاس مبيعاتها إلى التباطؤ الاقتصادي العام في الصين. وأكدت كلتا الشركتين أنهما لا توفران «أبواباً خلفية» للمراقبة في تقنياتهما.
وبالنسبة للهواتف الذكية، بدأت المصارف الصينية شراء المزيد من شركات الأجهزة المحلية، ورغبت الصين في أن تلبي 50% من المشتريات الجديدة في المؤسسات المالية معايير الأمن والقابلية للتحكم. ويحمل توجه الصين نحو إنتاج أجهزة آمنة محلية الصنع فوائد اقتصادية؛ نظراً لأن مكونات الهاتف الحاسمة لضمان الأمن هي الأكثر تحقيقاً للأرباح. لكن حتى مع توفير معالجات ونظم تشغيل وأجهزة مودم مُطورة محلياً في الصين، ستضم الهواتف الذكية الصينية الآمنة الكثير من الأجزاء الأجنبية، وإن كانت أقل حساسية.
وقال المُتحدث باسم شركة «زد تي إي»، إنه من غير المُمكن الاعتماد حصراً على العتاد والبرمجيات المطورة في الصين في تصنيع الهواتف الذكية، لكن الشركة تحاول تلبية احتياجات الهيئات الحكومية، والاستعانة بموردين محليين قدر الإمكان.
وتُحاول شركات صينية أخرى، مثل «كولباد» و«كيوهو 360 تكنولوجي»، نيل حصة من سوق الهواتف الذكية الآمنة، وأبرزت بالفعل الميزات الأمنية في أجهزتها الجديدة، هذا العام، مثل تشفير البيانات. وقال المدير العام لشركة «أليانس ديفلوبمنت» للتحليلات في العاصمة الصينية بكين، كريس دي إنجيليس، إن مسألة الأمن تمثل موضوعاً مثيراً للاهتمام جداً في الوقت الراهن، وأضاف أن الحكومة تبحث عن استخدام تقنيات محلية قدر الإمكان بغرض منع مختلف «الأبواب الخلفية».
وذكر الرئيس التنفيذي لشركة «سبريدترم»، ليو لي، أن شركته ستبدأ خلال العام الجاري بيع رقائق إلكترونية خاصة تسمح لمستخدمي الهواتف الذكية بالتحول بين نظام «أندرويد»، ونظام تشغيل مشفر طورته شركة «يوانزن تكنولوجي» Yuanxin Technology الصينية. وقال: «صوتك مُشفر، وبيانات مُشفرة. إنه آمن جداً».
ومع ذلك، يرى الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في منطقة آسيا في شركة «فاير آي» لأمن الشبكات، برايس بولاند، أن تصنيع الأجزاء الأكثر أهمية في الهاتف محلياً لا يضمن أمنه دائماً، إذ يمكن للمخترقين تحويل البيانات مباشرة من شركات الاتصالات. ومن المرجح أن تُعاني أنظمة التشغيل الجديدة نقاط الضعف. ولا تُعد الصين نموذجاً فريداً في البحث عن هواتف ذكية أكثر أمناً للأغراض الحكومية. وطورت «وكالة الأمن القومي» الأميركية هاتفاً خاصاً في عام 2009، وتحولت هذا العام إلى نظام جديد يعتمد على هواتف «سامسونغ» ببرمجيات معدلة أمنياً. وقال الأمين العام لجمعية «تحالف الهواتف الذكية في الصين» China Smartphone Alliance، لاو ياو، إن «بعض الحكومات الغربية تعتمد على هواتف من إنتاج شركة (بلاك بيري) الكندية، باعتبارها أكثر أمناً لمسؤوليها، لكن نظراً لأن كلاً من الصين والشركات الغربية لا تثقان في بعضهما بعضاً بدرجة تكفي ليكون ذلك أحد خيارات الحكومة، فليس لدى الصين خيار سوى تطوير نظام تشغيلها الخاص بها للمحافظة على الأمن».
المصدر: الامارات اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى