الرئيسيةسيارات

كيف تخسر “أوبر” و”ليفت” السباق نحو المستقبل الكهربائي؟

هاشتاق عربي

شارك هذا الموضوع:

عندما اشترى كيرت كيندر سيارته الكهربائية الجديدة “تشيفي بولت” قبل ثلاثة أعوام، كان بحاجة لحجة لقيادتها لأطول فترة زمنية ممكنة، وقال: “إنَّها سيارة سلسة، وهادئة، ومرنة”.

لذلك سجَّل المهندس الكهربائي ومالك أحد المشاريع في جاكسونفيل بولاية فلوريدا بياناته ليصبح واحداً من أوائل مالكي السيارات الكهربائية الذين يقودون سيارات تعمل ضمن أسطول “أوبر”، و”ليفت”.

ومثل أي مهندس فضولي، احتفظ كيندر (عمره 55 سنة) بجدول بيانات دقيق يضمُّ إيرادات ومصروفات رحلاته كافةً التي تزيد عن 6 آلاف رحلة. وسرعان ما أدرك حقيقة مهمة، وهي أنَّ العمل على السيارات الكهربائية أكثر ربحية من السيارات العاملة بالغاز. ينفق كيندر حوالي 5 دولارات يومياً لشحن سياراته الكهربائية، في حين تبلغ تكلفة تعبئة بنزين يكفي لبضع مئات الأميال يومياً 18 دولاراً تقريباً. وهذا الفرق البالغ 13 دولاراً يُترجم إلى أرباح سنوية تزيد عن 3 آلاف دولار في جيب كيندر.

تأمل شركتا “أوبر”، و”ليفت” من مساهمة هذه الحسابات المواتية، والحوافز الإضافية الصغيرة، في جذب مئات الآلاف من سائقي المركبات الكهربائية إلى العمل خلال الأعوام القليلة المقبلة.

خلال الصيف الماضي، أعلن عمالقة خدمات الركوب التشاركي عن خططهم للتحوُّل بالكامل إلى السيارات الكهربائية في أمريكا الشمالية وأوروبا مع حلول عام 2030. جاء ذلك بعد التعرُّض لانتقادات شديدة بسبب بصمتهما الكربونية الهائلة.

لكنَّ الفحص الدقيق للجهود المبكرة لتغيير أساطيل خدمة الركوب التشاركي يكشف عن نهج أولي غير مكتمل، مع التنفيذ البطيء الذي يسير بخطى أقل بكثير من القدرة على تحقيق مثل هذه الأهداف.

في الوقت الراهن، أصبح 0.5% من سيارات النقل التشاركي في الولايات المتحدة كهربائية، بحسب “بلومبرغ إن إي إف”. وتعدُّ هذه النسبة أقل من نسبة وجود المركبات الكهربائية البالغة 0.7% ضمن أسطول سيارات الركوب في البلاد.

من المتوقَّع أن تستحوذ السيارات الكهربائية على ربع مبيعات السيارات الجديدة فقط في الولايات المتحدة مع حلول نهاية العقد.

وحتى تصبح أساطيل سيارات الركاب كهربائية بالكامل بحلول ذلك الوقت؛ سيتعيَّن عليهم الانتقال بطريقة ما من التخلُّف عن السوق الأمريكية الأوسع نطاقاً في اعتماد المركبات الكهربائية إلى التفوق عليه بمعامل 10.

حوافز مترددة

وفي حين أنَّ انخفاض تكاليف البطاريات والإعانات الحكومية السخية أدى إلى انخفاض الأسعار؛ ما تزال تكاليف السيارات الكهربائية تزيد بمقدار عدة آلاف من الدولارات عن السيارات العاملة بالبنزين.

وبرغم الأسعار الباهظة، تخصص “أوبر”، و “ليفت” القليل من رأس مالهما لمساعدة السائقين على تحمُّل التكلفة الأولية المرتفعة لمثل هذه المركبات الأنظف. فقد أعلنت “أوبر” العام الماضي أنَّها ستقدِّم دعماً بقيمة 800 مليون دولار لمئات الآلاف من السائقين حول العالم للانتقال إلى السيارات الكهربائية بحلول عام 2025. لكن هذا المبلغ يأتي في الغالب من الخصومات التي تتفاوض عليها “أوبر” مع صنَّاع السيارات وشركات الشحن، فضلاً عن الرسوم الإضافية التي تفرضها على الركاب في بعض المدن. في الوقت نفسه، لا تقدِّم “ليفت” أيَّ حوافز مالية للسائقين للتحوُّل إلى المركبات الكهربائية.

في هذا الشأن، يقول سام أبيل، مدير السياسات لدى تحالف “بلوغرين” (BlueGreen Alliance): يُذكر أنَّ تحالف “بلوغرين” هو مجموعة غير ربحية، تركِّز على قضايا البيئة والعمالة. وهذا يثير تساؤلاً مهماً حول شركات النقل التشاركي، التي كان يُحتفل بها ذات يوم باعتبارها مستقبل النقل عند الطلب. ويدور السؤال حول ما إذا كان يمكن لصناعة تطلق غازات دفيئة أكثر من بلدان بأكملها، مثل سويسرا أو السويد، الازدهار في ظلِّ مستقبل منخفض الكربون؟

ومع ذلك، في ظلِّ تعهدات الرئيس الأمريكي جو بايدن والاتحاد الأوروبي الأخيرة بخفض الانبعاثات إلى النصف في غضون عقد من الزمن، هناك خطر متزايد من أنَّ شركات النقل التشاركي ستعزز وضعها كشركات مذنبة تجاه المناخ. ويرى ساول لوبيز، مدير التنقل الإلكتروني في الاتحاد الأوروبي للنقل والبيئة “أنَّها لحظة صعبة بعض الشيء”. ويعرف الاتحاد الأوروبي للنقل والبيئة أنَّه منظمة غير ربحية، مقرّها بروكسل ضغطت على “أوبر” ومنافسيها لخفض الانبعاثات.

وسريعاً ما تعترف شركات النقل التشاركي بضرورة تحسُّن الأوضاع الاقتصادية لسائقيها حتى يتمكَّنوا من شراء سيارات خالية تماماً من الانبعاثات. وفي هذا الصدد، قال آدم غروميس، رئيس قسم الاستدامة والتأثير البيئي لدى “أوبر”: “المال سيكون مطلوباً”. وأضاف، في مقابلة في وقت سابق من هذا العام:

من المؤكَّد أنَّ المبالغ اللازمة لدفع سيارات النقل التشاركي للتحوُّل إلى الكهرباء ستكون هائلة. فقد قدَّرت “بلومبرغ إن إي إف” الاستثمارات الإجمالية من قبل الشركات، وصنَّاع السيارات، والحكومات عند 14.6 مليار دولار لجعل المركبات الكهربائية الخيار الأكثر اقتصادية بالنسبة لسائقي خدمات النقل التشاركي في الولايات المتحدة وأوروبا بحلول عام 2025. وهذه الحاجة الماسة للتحوُّل تقزِّم المبالغ الصغيرة نسبياً التي وعدت بها شركات النقل التشاركي.

المشاركة في التلوث

تصف كلٌّ من “أوبر”، و”ليفت” دورهما باعتباره مجرد جزء واحد من دفعة أوسع نطاقاً لتحفيز المزيد من الاهتمام بين السائقين، مع الحاجة لتدخُّل شركات صناعة السيارات، وشركات الشحن، وصُنَّاع السياسات. ومن هذا المنطلق، قال غروميس: “نحن نطلب المساعدة”.

في الوقت نفسه، عبَّر سام آرونز، مدير الاستدامة لدى “ليفت” عن شعور مماثل بقوله: “نحن نطالب بعقد شراكة. نحن نطالب الحكومات، وشركاء الصناعة الاستيقاظ والقول، إنَّ هذا ممكن، لكنَّه سيتطلَّب منا بذل قصارى جهدنا. لا يمكن لأيِّ كيان حل مشكلة انبعاثات النقل بأنفسه”.

تصاعد الضغط على صناعة النقل التشاركي في الأعوام الأخيرة، مع تزايد الأدلة على أنَّ هذه الشركات تخلق آثاراً بيئية هائلة بشكل مدهش. فقد وجد باحثو جامعة كاليفورنيا ديفيس أنَّ حوالي نصف رحلات النقل التشاركي تندرج ضمن فئتين ضارتين بالمناخ. وهاتان الفئتان هما استبدال وسائل النقل النظيف، مثل النقل العام، والمشي، وركوب الدراجات، أو التشجيع على رحلات بالسيارة لم تكن لتحدث على الإطلاق.

في الوقت نفسه، يقضي سائقو سيارات النقل التشاركي حوالي 40% من وقتهم في القيادة بدون ركاب، مما يزيد من مستوى التلوُّث في الصناعة. ويقال، إنَّ كل رحلة من رحلات النقل التشاركي تساهم بزيادة الغازات الدفيئة بحوالي 69% مقارنة بالرحلات الأخرى، وذلك وفقاً لتقرير صدر العام الماضي عن “اتحاد العلماء المهتمين”.

يبدو أنَّ البصمة الكربونية لشركة “أوبر” لا تفعل شيئاً سوى الارتفاع. فقد قدَّمت الشركة نشاطاً تجارياً مزدهراً لتوصيل الطعام، الذي تجاوز إجمالي حجوزاته أجرة الركاب أثناء تفشي الوباء خلال العام الماضي. كما أنَّها تعمل الآن على توسيع نطاق توصيل الطلبيات من المطاعم إلى محلات السوبر ماركت، والصيدليات، والطرود وغيرها من السلع.

وكما قال الرئيس التنفيذي لـِ “أوبر”، دارا خسروشاهي، للمستثمرين العام الماضي: “لقد اعتاد المستهلكون سريعاً على سحر إيصال طلبياتهم إلى بابهم في غضون نصف ساعة”.

هذا “السحر” له بصمة كربونية هائلة بالطبع، ومع ذلك، تستبعد “أوبر” رحلات التوصيل من أهدافها لعام 2030. فقد قالت الشركة، إنَّها ستخفِّض انبعاثاتها من التوصيل إلى صفر صاف بحلول عام 2040 دون الكشف عن خططها.

وقالت إليزابيث ستوركن، المديرة الإدارية لصندوق الدفاع عن البيئة: “يجب تضمين 100% من منصَّتهم ضمن هدف المركبات الكهربائية الخاص بهم الذي وضع لتحقيق السلامة”. وعلى النقيض من ذلك تماماً، لا تدير “ليفت” خدمة توصيل، لذا؛ فإنَّ هدف الـ100% للتحول نحو السيارات الكهربائية يمثِّل العملية بأكملها.

تعهدات خضراء بعيدة المنال

لدى شركات خدمة مشاركة الركاب تاريخ في تقديم تعهدات بيئية لم يُلتفت إليها لاحقاً. فعلى سبيل المثال، وضعت “أوبر” هدف مدَّته عامين للتخلُّص من السيارات العاملة بالديزل من شبكتها في لندن بحلول عام 2019. وكان هذا أيضاً الإطار الزمني المتبع لتحويل 10% من أسطولها ليعمل بالكهرباء في بورتلاند بولاية أوريغون.

ومع ذلك، ما يزال لدى “أوبر” سيارات تعمل بالديزل في لندن حالياً، والشركة لن تكشف عن البيانات المتعلِّقة بالمركبات الكهربائية في بورتلاند.

في عام 2017، كتب مؤسسو “ليفت” أنَّ شركتهم تستهدف “خفض الانبعاثات الكربونية من نظام النقل بشكل كبير”، وأنَّ المركبات الكهربائية ذاتية القيادة ستسجل مليار رحلة سنوياً بحلول عام 2025، وهو سيناريو غير محتمل بشكل كبير.

برغم أنَّ مشاركة أعداد كبيرة من السائقين من أصحاب الأجور المنخفضة في المركبات الكهربائية باهظة الثمن يمثِّل عقبة رئيسية، فإنَّ السائقين، مثل كيرت كيندر، الذين يديرون الانتقال يمكنهم جني آلاف الدولارات الإضافية سنوياً.

بهذا الصدد، قال كيندر: “لقد نجح الأمر بشكل جيد بالنسبة لي”، معترفاً بأنَّه واحداً من سائقي سيارات الأجرة القلائل الذين يستطيعون إنفاق ما يزيد عن 40 ألف دولار على مركبة جديدة.

“أوبر” تخلف بالوعد

وضعت “أوبر” هذه العوامل الاقتصادية في اعتبارها عندما قدَّمت تعهُّدها الأخضر الأخير في سبتمبر 2020، فقد قدَّمت حافزاً جديداً لمدة عام تدفع بموجبه دولاراً إضافياً لكلِّ رحلة يجريها سائقو المركبات الكهربائية. لكن الشركة كافحت لتنفيذ هذا البرنامج، وأمضت شهوراً دون دفع حوافز الانبعاثات الصفرية لبعض السائقين. فقد بدا موظفو مركز الدعم بالشركة، وكأنَّهم لا يعلمون شيئاً عن الحافز، ولا يجيبون عن استفسارات السائقين، الذين يتصلون بهم، بشأن المدفوعات المفقودة.

وكما ذكرت “بلومبرغ غرين” لأوَّل مرة في مارس، ألقت “أوبر” باللوم في هذه المدفوعات المفقودة على “خطأ فني” لم يؤثِّر سوى على عدد صغير من السائقين المؤهلين. ودفعت “أوبر” 110% من الأموال المستحقة، ليتجاوز إجمالي المدفوعات المستحقة لسائق واحد حاجز 1000 دولار.

لكنَّ المشاكل لم تنتهِ، فقد تواصل المزيد من سائقي المركبات الكهربائية لاحقاً مع “بلومبرغ غرين” بشأن المدفوعات المفقودة. وهو الأمر الذي أدى إلى سلسلة أخرى من الاستفسارات أعقبتها مدفوعات من “أوبر”.

هذه ليست المرة الأولى التي تتعثَّر فيها “أوبر” مع برنامج يستهدف دعم الأهداف المناخية. فبداية من عام 2018، نفَّذت الشركة برنامج تجريبي مدَّته 18 شهراً مع منطقة المرافق البلدية في ساكرامنتو، التي دفعت لسائقي المركبات الكهربائية دولارين إضافيين لكل رحلة. وبحسب تقرير نهائي تمَّ الحصول عليه عبر تقديم طلب للسجلات العامة، أبلغ بعض السائقين عن صعوبات “في التسجيل لتلقي حافز الدولارين”. مرة أخرى، بدا موظفو “أوبر” وكأنَّهم غير مدركين لأسعار الفائدة المتعلِّقة بالمركبات الكهربائية.

نفور السائقين

مثل هذه الأخطاء كانت كافية لتنفير بعض السائقين. إذ يشعر أنتوني هنري، وهو سائق في أوكلاند بولاية كاليفورنيا استخدم سيارته من طراز “تسلا” في “أوبر”، بالإحباط من محاولات التواصل مع خدمة العملاء سواء بالاتصال أو رسائل البريد الإلكتروني، ومن ذلك الحين قرر التوقُّف عن القيادة لصالحهم. يقول هنري: “لن ألعب لعبتهم. ببساطة من السهل جداً بالنسبة لي فعل شيء آخر”.

في يناير، أصدرت “أوبر” إعلاناً كبيراً آخر لتوسيع ما يُسمى “أوبر غرين”، وهو برنامج يسمح للركاب باختيار مركبة كهربائية أو هجينة بضغطة زر ودفع دولار إضافي.

قالت الشركة، إنَّ هذا الخيار الأخضر متاح الآن في أكثر من 1400 مدينة في أمريكا الشمالية. وقد يبدو هذا كثيراً، لكن ما يزال “أوبر غرين” غير متوفِّر في معظم الأسواق الأمريكية، بما فيها المدن الكبرى مثل أتلانتا، وبالتيمور، ولاس فيغاس، وفيلادلفيا. لكنَّ فحصاً أجري على 266 موقعاً أمريكياً أُدرج ضمن صفحة مدن “أوبر” في أواخر إبريل، أظهر أنَّ الخيار الأخضر متاح في 43 فقط من هذه الأسواق.

ويقول غروميس، من “أوبر”: “نحن نعلم أنَّ هذه الأهداف كبيرة، وبحاجة إلى كثير من العمل”. وأضاف: إذا كان هناك أي شيء ينبغي الالتفات له، فهو تلاشي التزام “أوبر” عند حاجته للتعزيز. فعلى مدار العامين الماضيين، وُجِد برنامج حوافز “أوبر” الأكثر طموحاً المتعلق بالسيارات الكهربائية في لندن، فقد تعهد عملاق خدمات النقل التشاركي التحول بنسبة 100% إلى المركبات الكهربائية بحلول عام 2025.

لتشجيع هذا التغيير، بدأت “أوبر” في مساعدة السائقين على الادخار للحصول على مركبة كهربائية. وأنشأت الشركة ما يسمى بـ”خطة الهواء النظيف”، التي فرضت بموجبها في البداية على جميع ركاب لندن 15 بنساً إضافياً (21 سنتاً) لكل ميل. ووُضعت هذه الأموال في حساب تديره “أوبر” للسائقين، الذين يمكنهم بعد ذلك تخصيص الأموال المتراكمة للحصول على مركبة كهربائية.

قدَّرت “أوبر” إمكانية حصول السائق المتفرغ على 4 آلاف جنيه إسترليني (5500 دولار) في غضون عامين فقط، لكنَّ البرنامج جمع 135 مليون جنيه إسترليني لمساعدة سائقيها في ركوب المركبات الكهربائية.

جاءت هذه الأموال الإضافية على رأس دفعة مقدَّمة من الجهات التنظيمية في لندن، التي أعفت المركبات الكهربائية من دفعتين باهظتين من الرسوم، فُرضت على السائقين الذين يدخلون وسط المدينة، مما يوفِّر عليهم 27.5 جنيه إسترليني يومياً.

“أوبر” تخفض الحوافز

يبدو أنَّ الحوافز المزدوجة لها تأثير، فقد قالت “أوبر”، إنَّ 1600 سيارة من بين 50 ألف سيارة في لندن تعمل بالكهرباء الآن، أي أكثر من ضعف ما كان لديها قبل عام. وبرغم أنَّ هذه الزيادة جديرة بالملاحظة، إلا أنَّها أثَّرت على هدف “أوبر” الأولي المؤقت المتمثِّل في وضع 20 ألف مركبة كهربائية في شوارع لندن هذا العام.

وبدلاً من زيادة حوافزها بشكل أكثر، قامت “أوبر” بالعكس تماماً. ففي 4 مايو، خفَّضت الشركة حافز المركبات الكهربائية في لندن بنسبة 80%، إلى 3 بنسات فقط للميل. كما أنَّها قالت في بيان صحفي، إنَّها ستركِّز الآن على مساعدة سائقيها على استخدام أموالهم المتراكمة لشراء مركبة كهربائية، لكنَّها لم توضِّح أسباب خفض الحوافز.

يُقدِّر توم ميلن، الذي اشترى مركبة كهربائية الخريف الماضي لقيادتها لصالح “أوبر” في لندن، أنَّ التغيير سيخفِّض راتبه بمقدار 70 جنيه إسترليني أسبوعياً. وقال، إنَّ “الـ15 بنساً لم تخرج حتى من جيوبهم، لذا لن تكون أسباب التخفيض مجدية”.

يعتقد بعض محللي “وول ستريت” أنَّ الشركة قد تكون أكثر جرأة بكثير، فقد تزيد مكافآت المركبات الكهربائية إلى 5 دولارات لكلِّ رحلة خلال الأعوام العديدة المقبلة، في حين ما تزال تحقق ربحاً نظراً لتحمُّل العملاء كثيراً من هذه التكلفة.

ويقول يغال أرونيان، المحلل البحثي في “ويدبوش” للأوراق المالية: “هناك بالتأكيد مجال لإضافة حوافز على المدى القصير”.

300 سيارة كهربائية لدى “ليفت”

برغم أخطاء “أوبر”؛ فإنَّ جهودها تتفوَّق بسهولة على “ليفت”، التي لا تقدِّم أي حوافز مالية لسائقي المركبات الكهربائية. ففي عام 2019، أعلنت “ليفت” عن خيار “أخضر” في سياتل وبورتلاند، مما يسمح للعملاء بطلب رحلة منخفضة الكربون أو خالية الكربون. لكنَّها منذ ذلك الحين أوقفت هذا الخيار مؤقتاً في سياتل، ولم توسِّع نطاقه إلى أسواق أخرى، نظراً لانخفاض عدد السائقين الذين يستخدمون المركبات الكهربائية والهجينة، وهذا قد يؤدي لانتظار العملاء لفترات طويلة.

يظلُّ تركيز “ليفت” الرئيسي على تحقيق هدف 2019 المتمثِّل في زيادة عدد المركبات الكهربائية التي تؤجِّرها للسائقين أسبوعياً. وبعد نحو عامين، ما تزال الشركة تعرض ما مجموعه 300 مركبة كهربائية فقط للإيجار في ثلاثة من مواقع التأجير البالغ عددها 26 التي تديرها حول الولايات المتحدة. ولكن آرونز، مدير الاستدامة لدى “ليفت” يقول، إنَّ الشركة تخطط لإضافة المزيد من المركبات الكهربائية قريباً.

لا ينحصر صراع التحوُّل إلى أسطول صديق للبيئة على “أوبر”، و”ليفت”. فقد تعهدت “أولا” (Ola)، أحد أكبر شركات خدمات نقل الركاب بالهند، بتوفير مليون سيارة كهربائية على الطريق هذا العام، لكنَّ المتحدِّث باسم الشركة قال، في رسالة بريد إلكتروني، إنَّ “أولا” لا تملك مركبات كهربائية كافية لتحديث أسطولها.

كما تعهدت شركة “كابيفي” (Cabify)، العاملة في إسبانيا وأمريكا اللاتينية، بنقل أسطولها الموجود في إسبانيا بالكامل لمركبات كهربائية بحلول عام 2025، من نسبته الحالية البالغة 1% تقريباً. ولم تحدد شركة “غراب”، التي تعمل في ثماني دول في جنوب شرق آسيا، أي أهداف متعلِّقة بالسيارات الكهربائية.

التحول السريع في الصين

لقد استطاعت الشركات الكبرى التحوُّل سريعاً نحو السيارات الكهربائية. ففي الصين، تشكِّل المركبات الكهربائية 21% من أسطول خدمات الركوب.

تمتلك شركة “ديدي شوكينغ تكنولوجي” (Didi Chuxing Technology)، ومقرّها بكين حوالي مليون سيارة كهربائية ضمن أسطولها، مستهدفةً بلوغ 10 ملايين مركبة بحلول عام 2028، وفقاً لديفيد شو، رئيس استراتيجية “ديدي”. لقد تحقَّقت هذه الخطوة التي اتخذتها أكبر شركة في العالم لخدمات نقل الركاب دون تقديم حوافز للسائقين.

أيضاً، خصصت 22 مدينة رئيسية في الصين على الأقل بما فيها شنتشن، وقوانغتشو، سيارات متطلبات أكثر صرامة لعربات نقل الركاب، وغالباً ما تفرض أن تكون السيارات الجديدة كهربائية، أو تستخدم شكلاً آخر من أشكال الدفع خالي الانبعاثات.

كما أنَّ بعض صُنَّاع السياسة بالولايات المتحدة في إعطاء اهتمام خاص لهذا الشأن. فقد بدأت كاليفورنيا مؤخراً في تنفيذ معيار الأميال النظيفة، الذي سيضع الأهداف السنوية لانبعاثات الغازات الدفيئة لـ”أوبر”، و “ليفت”. وسيتعيَّن على الشركات التخلُّص من انبعاثاتها كافةً في كاليفورنيا تقريباً بحلول عام 2030.

يسعى مشرِّعون الولاية في واشنطن لتطبيق قواعد مماثلة من شأنها أيضاً خفض التلوث الصادر عن شركات الركوب التشاركي.

وقالت ليز بيري، ممثِّلة “سياتل” التي قادت جهود خفض الانبعاثات، إنَّ “أوبر”، و”ليفت” دعمتا هذا التشريع. لكنَّها تسعى للتأكد من وفاء الشركات بوعودها، قائلة: “من الجيد حقاً التعهد بفعل هذه الأشياء، لكن دعونا نتأكَّد من الاستمرار في تطبيق هذا الالتزام”.

المصدر
بلومبيرغ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى