اقتصادالرئيسية

النمو المتصاعد لشركات التكنولوجيا الكبرى يذهل وول ستريت

هاشتاق عربي - ريتشارد ووترز

شارك هذا الموضوع:

بعد أن تمتعت أكبر شركات التكنولوجيا في العالم بطفرة خلال وباء فيروس كورونا، كان من المتوقع أن تعود الحياة تدريجيا إلى طبيعتها.

لكن الأمر بالتأكيد لا يحدث بهذه الطريقة. أعلنت شركات التكنولوجيا الكبرى الأسبوع الماضي عن ارتفاع في نمو الأرباح أذهل وول ستريت، وقدمت أدلة قوية على أن الاعتماد الرقمي الذي فرض على جزء كبير من سكان العالم خلال العام الماضي قد يكون له تأثير دائم.

قال بعض المستثمرين والمحللين في التكنولوجيا إن الأرقام الضخمة هي بمنزلة إعادة ضبط لعالم الأعمال. وفقا لوجهة النظر هذه، فقد عززت الشركات الرقمية الكبرى الرائدة مكاسبها في الـ 12 شهرا الماضية وجعلت نفسها جزء لا غنى عنه من العمل والحياة الشخصية.

وفقا لجيم تيرني، مدير صندوق في أليانس بيرنشتاين “كان موسما لا يصدق” على صعيد الإبلاغ عن الأرباح بالنسبة “لأكبر الشركات الكبرى”.

التأثير الضخم بشكل متزايد لشركات التكنولوجيا الكبرى على عالم الأعمال يمكن تلخيصه إلى حد كبير من خلال رقمين فقط.

الأول هو الإيرادات المجتمعة لشركات ألفابت وأمازون وأبل وفيسبوك ومايكروسوف، التي ارتفعت 41 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، إلى 322 مليار دولار. يشير ذلك إلى تسارع سريع في النمو لم تشهده شركات التكنولوجيا الرائدة منذ أعوام، حتى بعد أن أصبحت من أكبر الشركات في العالم.

الآخر هو نمو أرباح الشركات الذي كان أكثر إثارة للذهول. أرباح الشركات الخمس بعد خصم الضرائب ارتفعت 105 في المائة عن العام السابق، لتصل إلى 75 مليار دولار. وارتفعت هوامش الأرباح بقوة في جميع أنحاء القطاع، حيث استفادت أكبر الشركات من وفورات الحجم مع الانتباه إلى توسع التكلفة خلال الوباء.

قال تيرني إن وول ستريت كان لديها بالفعل تقدير للقوة الدفاعية لأسهم التكنولوجيا، معتقدا أنها ستكون مرنة في مواجهة أسوأ فترات الانكماش. وأن ما لم يفهم بشكل كاف في الأيام الأخيرة كان حقيقة أن شركات التكنولوجيا الكبرى مستعدة لقيادة طريق الخروج من الركود أيضا، في الوقت الذي يرتفع فيه نشاط المستهلكين والشركات عبر منصاتها الرقمية.

ليس الأمر حتى كما لو أن أداء شركات التكنولوجيا الكبرى الأخير ظهر في صورة جيدة مقارنة بربع ضعيف قبل عام. كانت جميع الشركات باستثناء شركة أبل تحقق نموا يتجاوز 10 في المائة قبل انتشار الوباء، على الرغم من أن معدلات نموها كانت تتباطأ.

اعتبر جين مونستر، وهو مستثمر في ليب فينتشرز، أن ما يقوم عليه الأداء المالي المذهل الذي تم الكشف عنه الأسبوع الماضي كان مجرد تحول دقيق في الدور الذي تلعبه منصات شركات التكنولوجيا الكبرى في الحياة اليومية.

قال “كان ذلك خيار المستهلكين المفضل فيما مضى، لكن ما يقدرونه الآن هو الاعتمادية”. ذلك دفعهم إلى تركيز مزيد من انتباههم وإنفاقهم على حفنة من المنصات المألوفة سهلة الاستخدام مثل جهاز آيفون ومحرك البحث من جوجل وإنستجرام من فيسبوك – العادات التي أصبحت متأصلة بعمق عندما أصبحت الشاشات تلعب دورا مركزيا في جميع جوانب الحياة.

مهما كان السبب، فقد تميزت الذكرى السنوية الأولى للوباء بقفزة شاملة في كل من النشاط والدخل بالنسبة لأكبر المنصات الرقمية. وباستثناء حدوث انعكاس مع إعادة فتح العالم، فقد حدد ذلك معيارا جديدا وأعلى لقياس شركات التكنولوجيا.

قال بريان ويزر، رئيس قسم استخبارات الأعمال في GroupM، وهي جزء من المجموعة الإعلانية WPP “السؤال هو، ما مدى ارتفاع الذروة الجديدة؟ إنها بالتأكيد أعلى مما توقعنا قبل أسبوعين”.

يمكن تتبع الأداء الممتاز في الربع الأول بوضوح في عدد قليل من المجالات. الإعلان الرقمي الذي كان يحقق غزوات ثابتة في الأشكال التقليدية للرسائل التجارية منذ أعوام، قفز بشكل حاد.

منصات الحوسبة السحابية والجوال الأكثر استخداما، من آيفون إلى خدمات أمازون السحابية، شهدت موجة جديدة من النشاط. واستفادت بعض شركات التكنولوجيا الرائدة من الاستخدام المكثف لمنصاتها للتوغل في نطاق أوسع من الخدمات المربحة للغاية.

قال ويزر: “في فترة ما قبل الوباء، كنا نشهد تباطؤا في نمو الإعلانات الرقمية – لكن الوباء عمل على نقل وتحريك الكثير من الأشياء”، مضيفا أن مالكي العلامات التجارية اكتسبوا تقديرا جديدا للإعلان الرقمي أثناء الوباء حيث أصبحوا أكثر اعتمادا على المبيعات عبر الإنترنت، في حين أن كثيرا من الشركات الجديدة التي تشكلت خلال العام الماضي تحولت بشكل طبيعي إلى الإنترنت للعثور على سوق.

سجلت كل من جوجل وفيسبوك أقوى نمو إعلاني لهما منذ أعوام، حيث زادت عائدات إعلانات جوجل 32 في المائة وقفزت فيسبوك 46 في المائة. تأتي القفزات على خلفية تعافي أسواق الإعلان العالمية – على الرغم من أنها تجاوزت بكثير الانتعاش البالغ 10 في المائة المتوقع للصناعة ككل هذا العام، وفقا لـ GroupM.

في غضون ذلك، الوقت والمال الذي يرغب المستهلكون في إنفاقه على أجهزتهم الأكثر أهمية شوهد في قفزة بنسبة 66 في المائة في عائدات أبل من بيع أجهزة آيفون. حتى سوق أجهزة الكمبيوتر الشخصي، التي كانت في حالة تراجع، شهدت انتعاشا قويا، حيث قفزت مبيعات الوحدات نحو الثلث في الربع الأول، ما أدى إلى زيادة الأرباح في مايكروسوفت.

بالمقارنة، التوسع المطرد لمنصات الحوسبة السحابية التي تديرها أمازون ومايكروسوفت وجوجل، والتي أصبحت الدعامة الأساسية لأقسام تكنولوجيا المعلومات في الشركات، تصدر عناوين أقل. لكن ظهور العمل والتعلم والترفيه عن بعد مكن جميع مشغلي السحابة الثلاثة من الحفاظ على معدلات النمو التي كانوا يسجلونها في مثل هذا الوقت من العام الماضي.

في الوقت نفسه، استفادت شركات التكنولوجيا من علاقاتها الوثيقة مع ملايين المستخدمين لتوسيع نطاق وصولها بشكل أعمق إلى بعض الخدمات المقدمة عبر منصاتها. انتقال شركة أبل إلى الخدمات، الذي احتقرته وول ستريت في الماضي باعتباره أمرا هامشيا غير مثير للاهتمام إلى جانب أجهزتها، أسهم في قفزة في الأرباح أدت إلى رفع هامش ربحها الإجمالي إلى أكثر من 42 في المائة.

في غضون ذلك، الخدمات الأحدث في أمازون أحدثت تحولا في وضع أرباح الشركة. يتضمن ذلك نمو منصة أمازون للخدمات السحابية، إضافة إلى الإعلانات – كما شوهدت في قفزة بنسبة 73 في المائة في فئة “الإيرادات الأخرى” للشركة التي تتكون أساسا من الإعلانات.

وكانت النتيجة ربحا ربع سنويا قياسيا لشركة اشتهرت في السابق بخسائرها المستمرة. كانت أرباح أمازون البالغة 8.1 مليار دولار بعد خصم الضرائب في الربع الأول تعادل صافي أرباح الشركة خلال كامل الأعوام الـ22 من وجودها.

وسط النشوة في وول ستريت، تم لفترة قصيرة نسيان المخاوف بشأن التدخل المحتمل من قبل المنظمين لكبح قوة – وأرباح – شركات التكنولوجيا الكبرى. كانت الأسهم في جميع الشركات باستثناء أبل عند، أو قريبة جدا من أعلى مستوياتها على الإطلاق.

كانت هناك مخاوف أخرى قليلة لإفساد الحفل. قال تيرني إن نهاية اتجاهات النمو طويل الأجل القوية التي رفعت شركات التكنولوجيا الكبرى قد لا تلوح في الأفق قريبا. أضاف: “كم عدد الأعوام التي يمكن أن تنمو فيها مايكروسوفت بنسبة 50 في المائة في الأعمال السحابية، وكم عدد الأعوام التي يمكن أن تستمر فيها إعلانات جوجل في النمو بنسبة 30 في المائة؟ لا توجد علامة حتى الآن على أن النمو سيتوقف”.

فايننشال تايمز

صحيفة بريطانية دولية تتحدث عن الأعمال، يتم نشرها في لندن منذ تأسيسها في عام 1888 من قبل جيمس شيريدان وأخوه. هناك اتفاق خاص بين فايننشال تايمز وصحيفة الاقتصادية السعودية يتم بموجبها ترجمة لأهم مقالاتها يوميا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى