هاشتاق عربي – باتريشيا نيلسون
أعادت وسائل الإعلام وشركات الإعلان التقليدية صياغة نماذج أعمالها لعصر رقمي تولد فيه الإنترنت، التي لا حدود لها، شركات ناشئة منافسة مثلما تولد الفرص.
يقول جيمي بولدينج، مؤسس شركة جنجل كرييشنز Jungle Creations المتخصصة في التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “منصات وسائل التواصل الاجتماعي ليست إلا مجموعة من الوسطاء”، مشيرا إلى أن إنشاء المحتوى الموجود على إنستجرام ويوتيوب ووي تشات وتحميله لا يتم بواسطة هذه المنصات ولكن بواسطة المستخدمين وجيل جديد من شركات الإعلام والإعلان.
من الأمثلة على ذلك، جنجل كرييشنز ـ مقرها المملكة المتحدة ـ التي تتصدر فئة الإعلام في تصنيف فاينانشيال تايمز في 2020 للشركات الأوروبية الأسرع نموا. مع معدل نمو سنوي مركب 242 في المائة خلال الفترة 2015-2018، وتحتل الشركة المرتبة 25 في القائمة الإجمالية.
بداية جنجل في 2014 كانت عبارة عن صفحة على فيسبوك حيث شارك بولدينج بمقالات ومقاطع فيديو “ليستمتع بها الأصدقاء”. الآن تنتج محتوى مناسبا لوسائل التواصل الاجتماعي حول موضوعات مثل الطعام وتحسين المنزل والألعاب، ولديها 116 مليون متابع عبر منصات فيسبوك وسناب شات وتيك توك.
يقول بولدينج: “نجني الأموال من الفواصل الإعلانية ومن تقاسم العائدات مع المنصات”. تنتج جنجل كرييشنز مقاطع الفيديو لعملائها الإعلانيين ومن بينهم ديزني ودياجو واليانصيب الوطني للمملكة المتحدة.
يقول توماس سينجلهرست، محلل إعلامي في سيتي: “لم يكن من المهم قط كما هو الآن أن يكون لشركات الإعلان والإعلام علاقة مباشرة مع الجماهير”.
كافح مشغلو الصناعة مثل دبليو بي بي WPP، إحدى أكبر مجموعات الإعلان في العالم، وشبكة ITV الإذاعية البريطانية للتكيف مع تحول حصة متزايدة من انتباه الجمهور إلى الإنترنت والهواتف الذكية.
أدى هذا التحول إلى ظهور عدد كبير من الشركات الناشئة التي تحاول ربط عالم الإعلان بالتكنولوجيا والمنصات الجديدة.
يقول سينجلهرست: “تاريخيا، ارتبطت قدرتك على تقديم خدمة للعلامة التجارية بقدرتك على الاتصال بشركة مثل ITV والتفاوض على فترة زمنية في وقت البث”. يضيف: “لا يتعين على شركات التسويق اليوم أن تكون جزءا من مجموعة ذات وصول خاص”، مشيرا إلى كيف يمكن لأي شخص الآن البث والإعلان عبر الإنترنت.
هذا يعني، كما يقول، أن الاستثمارات الاستراتيجية في الإعلام والإعلان تحدث بمعدل أقل وبحذر أكبر. يضيف: “يتشكك المستثمرون بشكل عام في اللاعبين التقليديين في وسائل الإعلام والإعلان بسبب المخاطر الهيكلية المتصورة، لذا فهم يطرحون الكثير من الأسئلة قبل الضغط على الزر”.
تمثل وسائل الإعلام والإعلان معا ما يقارب 1 من كل 20 شركة في التصنيف، مع إيطاليا (16) وفرنسا (11) والمملكة المتحدة (8) ـ المضيفين الرئيسين من حيث العدد. تهيمن إيطاليا على الإعلان بينما تتصدر فرنسا وسائل الإعلام.
يمكن أن يعزى موقع إيطاليا جزئيا إلى التغييرات التي تحدث في قطاع التجزئة، كما تقول إريكا باجين، المديرة العامة في شركة فلفيت ميديا، وهي شركة تسويق رقمي مقرها شمالي إيطاليا. رقمها 176 على القائمة، مع عملاء من بينهم برجر كينج ومجموعة فنادق إن إتش الإسبانية.
تقول باجين إن الشركات الإيطالية التي تحاول “النجاة من كارثة البيع بالتجزئة” تعلمت إقامة علاقة مباشرة مع المستهلكين من خلال المحتوى، مضيفة أن هذا الانتقال إلى الرقمية أتاح “لشركات التسويق الأصغر والأكثر ذكاء” إمكانية الوصول إلى المستهلكين.
يقول ماتياس ريدل، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة دي سي إم إن للإعلان ـ مقرها برلين ـ التي احتلت المرتبة 453 في القائمة، إن الشركة تدين بكثير من نجاحها لتنوع المدينة. يقول: “المكون السري هو الأشخاص الذين توظفهم”، مضيفا أنه كان عليه التنافس على المهارات التكنولوجية مع الصناعات والمناطق الأخرى عند التوظيف، في وسط وشرق أوروبا على وجه الخصوص.
يضيف: “أدت الثروة المتزايدة في أوروبا الوسطى والشرقية، إلى جانب مجموعة كبيرة من المطورين الموهوبين والأدوار التي تركز على التكنولوجيا، إلى زيادة الاستثمار”.
مع ذلك يواجه المستثمرون تحديا في اختيار الفائزين هذا العام – لأسباب ليس أقلها أن جائحة فيروس كورونا يمكن أن تضرب أسهم شركات وسائل الإعلام والإعلان الأوروبية على نحو يؤدي إلى انخفاضها أكثر من 40 في المائة، وفقا لسيتي.
في الأعوام الأخيرة اجتذب رواد وسائل الإعلام الرقمي، مثل بزفيد BuzzFeed وفايس Vice وفوكس Vox، تقييمات عالية قبل أن تكتشف كيفية تحويل الجماهير الكبيرة إلى إيرادات. ديزني التي استثمرت في 2015 مبلغ 400 مليون دولار في فايس، قالت العام الماضي إنها تشك في أنها ستشهد عائدا على استثماراتها.
يقول بولدينج، من جنجل: “يأتي أصحاب رؤوس الأموال بشروط لمصلحتهم، وكل هذه الشركات التي جمعت كل هذه الأموال بعناوين رائعة حبست نفسها في الواقع في مستقبل مظلم”. يضيف: “لم أجمع الأموال حتى 2018، بعد أن نمت (الشركة) عضويا إلى 120 شخصا وحققنا إيرادات تزيد على عشرة ملايين جنيه استرليني”.
سارة سيمون، المحللة في بنك بيرنبرج، تشير إلى أن عديد من الشركات الإعلامية تعاني. تقول: “انظر إلى أسعار الأسهم. ليست كل شركة مدرجة في البورصة تتراجع، بعضها يتطلع إلى تجديد نشاطه التجاري، لكنها بيئة صعبة للغاية”.
تضيف أن المستثمرين الذين يدعمون الشركات الناشئة الصغيرة يجب أن يكونوا حذرين من الشركات التي تعتمد بشكل كبير على خوارزميات جوجل وفيسبوك. ستفوز المنصتان بنسبة 55 في المائة من الإنفاق على الإعلانات الرقمية العالمية هذا العام، وفقا لشركة إي ماركتر للأبحاث.
على الرغم من تحديات السوق، إلا أن شركة دي سي إم إن التي تكمل عامها العاشر هذا العام، لديها خطط كبيرة للعقد المقبل. هدف مؤسسيها هو أن يستخدم “كل شخص على هذا الكوكب” منتجا أو خدمة تخص أحد عملائها، وهو مسعى يخططون لتحقيقه من خلال العمل مع الشركات التي لها “امتداد عالمي حقيقي”، كما يقول ريدل.