الرئيسيةدوليمقالات

نحن بحاجة إلى علاج وباء البيانات المرتبطة باللقاح

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – جون جابر

من منا لا يشعر بالحيرة تجاه الحجم الهائل للأخبار والمعلومات حول كوفيد – 19 واللقاحات التي تهدف إلى إيقاف الوباء؟ هناك أكاذيب متعمدة ضد اللقاحات، مثل الشائعات المنتشرة في المجتمعات الآسيوية بأن الحقن تحتوي على منتجات حيوانية. لكن الصعوبة الأكبر تكمن في معرفة ما هو صحيح علميا.

تبين الأسبوع الماضي أن دراسة أولية في جنوب إفريقيا وجدت أن لقاح أكسفورد / أسترا زينيكا فشل في إيقاف الإصابات الخفيفة إلى المتوسطة من أحد الأنواع الفيروسية هناك، ودعا العلماء في أستراليا إلى إيقاف إطلاق اللقاح. في الوقت نفسه، وافقت منظمة الصحة العالمية على استخدامه لجميع البالغين، بمن فيهم الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما، قائلة إن الدراسة ليست سببا لتجنبه.

ذكرت صحيفة ذي صن أن حقنة واحدة من لقاح بيونتيك / فايزر أعطت أكثر الذين هم فوق الـ 80 عاما حماية بنسبة 64 في المائة من العدوى التي لا تظهر لها أعراض في حملة التطعيم في المملكة المتحدة. لكن أحد العلماء قال لـ “فاينانشيال تايمز”: “من المضلل للجمهور إعطاء أرقام دقيقة في الوقت الحالي” لأن الأرقام تتغير يوميا.

هل توصلنا إلى الوضوح واليقين؟ لا، بالطبع لا.

تكمن المشكلة في كل هذه البيانات في أن قليلا جدا منا مدربون على تفسير الأبحاث الطبية، أو فهم أهمية أحجام العينات وفترات الثقة. نحن نتوق إلى إجابات يسهل الوصول إليها ولا لبس فيها، وليس مجموعة من الاحتمالات.

يحرز العلم تقدما سريعا بشكل ملحوظ. لكن السرعة التي يحدث بها التقدم وكمية البيانات المختصة التي تتم مشاركتها غير مسبوقة ومقلقة. لا نحتاج فقط إلى حماية أنفسنا من خطر الإصابة بفيروس كورونا، لكننا بحاجة إلى التكيف مع جائحة البيانات.

من ناحية لا يختلف الطب عن المجالات الأخرى. فتح الإنترنت الوصول إلى المعلومات غير النقية ويمكن لأي شخص أن يتصفح “تويتر” للحصول على الأخبار، بدلا من أن يتناول صحيفة أو يستمع إلى الراديو. تختلف دقة هذين الأخيرين، لكن الأفضل بينهما يتم فحصه وتحريره.

يجلب عالم اليوم فوائد كبيرة بسماحه لنا بالعثور على ثروة غير عادية من التحليل والأبحاث بنقرة زر واحدة، كما يشجع الدعاية والأخبار المزيفة وترويج الشائعات. نحن على دراية بمخاطر هذا الهجوم المستمر من المعلومات.

لكن الدراسات الطبية تحتوي على أبحاث مختصة ليست مكتوبة للجميع: وهي تجد طريقها تقليديا للجمهور عبر سلسلة من الفلاتر. تمت مراجعتها من قبل خبراء، وتحريرها ونشرها في المجلات وتم إصدارها لوسائل الإعلام مع عدم السماح بالنشر قبل تاريخ معين لإعطاء الصحافيين الوقت لاستيعابها.

عجل الوباء التحول الذي كان يحدث بالفعل، يتم نشر مزيد من أبحاث العلوم الحيوية على الإنترنت بعد وقت قصير من كتابتها وقبل مراجعة الدراسات من قبل الأقران. يطلق عليها اسم النشرة الأولية وتظهر على خوادم مثل bioRxiv، التي يديرها مختبر أمريكي.

مكن ذلك العلماء من مشاركة المعلومات بسرعة في جميع أنحاء العالم، تم نشر جينوم فيروس كورونا علنا في كانون الثاني (يناير) من العام الماضي، ما سمح لعلماء اللقاحات ببدء العمل. معظم الباحثين لم ينتظروا النشر في المجلات المختصة، وهي عملية تستغرق عادة عدة أشهر، رغم اختصارها خلال الوباء.

ظهر أول مقال عن كوفيد أيضا على bioRxiv في ذلك الشهر وتم إدراج نحو 28 ألف نسخة مسبقة من بحث كوفيد الأسبوع الماضي على خادم أوروبي، بينما نشرت المجلات أقل من خمس هذا العدد. أنت حر في قراءة معظمها، رغم أنني لا أنصح المبتدئين بالمحاولة.

هذا المورد ذو قيمة للعلم. سيستمر تقييم كثير من الأبحاث ونشرها وسيتم سحب عدد قليل منها فقط، ولا سيما دراسة واحدة نشرت لفترة وجيزة على bioRxiv أشارت إلى وجود تشابه غريب بين فيروس كوفيد – 19 وفيروس نقص المناعة البشرية. يقول روبرت كايلي، رئيس البحوث المفتوحة في Wellcome Trust: “سيكون هناك بعض الضجيج والكلام الفارغ، لكن حجم البيانات مفيد”.

لكن وضع كثير من الأشياء غير المحررة له أيضا آثار جانبية. تم تشديد الفحص الأولي للمنشورات الأولية لمنع نشر المواد التي يمكن أن تسبب الضرر. يحمل BioRxiv أيضا تحذيرا مفاده أن “الصحافيين قد يسيئون تفسير نتائج المنشورات الأولية، ويتغاضون عن السياق المهم للفهم، ويؤسسون التغطية الإخبارية على النتائج الأولية التي قد تكون خاطئة”.

لا شك أن ذلك صحيح، لكنه يثير التساؤل عن سبب وجود النتائج غير الموثوقة في البحث أصلا. هناك خطر من تعجل العلماء وتجاوز مراجعات الخبراء والإشراف، ثم يريدون من وسائل الإعلام أن تتباطأ وأن تمارس مزيدا من ضبط النفس للتعويض عن النقص.

ليس من الممكن ولا من المرغوب فيه إعادة مارد المنشورات الأولية إلى الزجاجة، السرعة مهمة إذا كانت هناك جائحة. ولا توجد فائدة كبيرة في أن تقوم قبيلتان من المحترفين بإلقاء اللوم على بعضهما بعضا. وسائل الإعلام ليست موحدة وبعض الصحافيين ولا سيما زميلي تيم هارفورد مختصون في غربلة البيانات بعناية.

هناك حاجة إلى مزيد من هذا التدقيق، جنبا إلى جنب مع العلماء الذين يجدون طرقا جديدة لتقييم عمل بعضهم بعضا بسرعة، والسياسيين الذين لا يسربون المعلومات بشكل انتقائي. أثناء انتظارنا سنعزي أنفسنا بأننا في مواجهة كميات كبيرة فوق الحد من المعلومات حول كوفيد، بدلا من مواجهة قليل جدا. صحيح أننا نشعر بالحيرة، لكننا أفضل حالا في النهاية.

فايننشال تايمز

صحيفة بريطانية دولية تتحدث عن الأعمال، يتم نشرها في لندن منذ تأسيسها في عام 1888 من قبل جيمس شيريدان وأخوه. هناك اتفاق خاص بين فايننشال تايمز وصحيفة الاقتصادية السعودية يتم بموجبها ترجمة لأهم مقالاتها يوميا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى