الرئيسيةريادة

وظائف رائجة في عصر كورونا

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – بيليتا كلارك

في نهاية الشهر الماضي تلقى شخص بريطاني يدعى فيل مكديرميد، صاحب شركة توظيف، ما كان ينبغي أن يكون طلبا بسيطا من أحد العملاء: هل يمكن لشركته، كرييت أي تي Create IT، العثور على أربعة من الفنيين المختصين في تركيب أجهزة اتصالات، لتسلق بعض أبراج الهاتف المحمول لأجل تحديث الهوائيات؟
كانت هناك حاجة إلى هؤلاء العاملين في إنجلترا، حيث أدى انهيار مجموعتي البيع بالتجزئة، دبنهامز وأركاديا، إلى تعريض 25 ألف وظيفة للخطر. في إنجلترا أيضا حصل مطعم أعلن عن حاجته إلى موظف استقبال في تموز (يوليو) على 963 طلبا للتوظيف في يوم واحد.
مع طرح شركات الهاتف خدمات الجيل الخامس في جميع أنحاء البلاد هناك طلب على فرق تركيب المعدات. بحلول بداية الأسبوع الماضي لم يكن لدى مكديرميد أي رد على الإعلانات التي وضعها، التي تقدم ما يصل إلى 650 جنيها في اليوم لفريق يتكون من عاملين اثنين.
قال لـ”فاينانشيال تايمز”: “تحدثت اليوم مع شخص طلب 750 جنيها، وهو مبلغ باهظ، لكن هؤلاء الفتيان يعلمون أننا جميعا نجده بشق الأنفس. قد يوافق عميلي على ذلك لأنه يحتاج إليه”.
مرحبا بكم في سوق الوظائف غير المتكافئة للغاية في 2020، حيث ضرب فيروس كوفيد – 19 الشوارع الرئيسة والفنادق وشركات الطيران، لكنه ترك قطاعات أخرى دون مساس ـ أو حتى مزدهرة.
على الصعيد العالمي كان تأثير الوباء في العمال “كارثيا”، كما تقول منظمة العمل الدولية. تقدر الوكالة التابعة للأمم المتحدة أن ما يعادل 345 مليون وظيفة بدوام كامل تلاشت بين تموز (يوليو) وأيلول (سبتمبر) وحدهما، وتوقعات العام الجديد قاتمة في كثير من الدول.
مع ذلك، يتسابق أرباب العمل لملء بعض أنواع الوظائف لأن الفيروس أربك أنماط التوظيف التقليدية بمعدل كان مذهلا حتى بالنسبة للخبراء الذين لديهم عقود من الخبرة في التوظيف.
يقول جوناس بريسينج، الرئيس التنفيذي لوكالة مانباور جروب للتوظيف ManpowerGroup: “أظهرت الأشهر التسعة الماضية أن الشركات يمكنها التحول والرقمنة بوتيرة ونطاق لم يخطرا ببالها سابقا. أدى هذا إلى تحول بين عشية وضحاها في المهارات التي يبحث عنها أصحاب العمل”.
متاجر التجزئة الأمريكية هي مثال كلاسيكي على هذه الظاهرة. يقول بريسينج إنهم كانوا يوظفون خلال العطلات كالمعتاد “لكن ليس في الوظائف التي نتوقعها عادة”. بدلا من توظيف مزيد من الأشخاص للعمل في طابق مكائن تسجيل المدفوعات أو المبيعات، فإنهم يوظفون السائقين وعمال المستودعات وخبراء سلاسل التوريد للتعامل مع الطفرة في عمليات التسليم عبر الإنترنت.
الطلب ليس موحدا بأي حال من الأحوال. في المملكة المتحدة، تظهر بيانات مانباور أن السائقين هم أكثر المطلوبين بشدة، يليهم عمال البناء. لكن في فرنسا، يأتي مندوبو المبيعات يليهم الجنود، والأمر مختلف مرة أخرى في إسبانيا التي تأتي فيها وظائف الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية في المرتبة الأولى، قبل وظائف المبيعات والتسويق.
بالنسبة لبعض الوظائف، التوقيت هو الأساس. وجد موقع لينكدإن للوظائف أن الطلب على نوع واحد من العمال في الولايات المتحدة قفز نحو 600 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) مقارنة بالشهر السابق. من كان هؤلاء؟ متخصصو الضرائب. كان هناك تدافع لتوظيفهم حين سارع دافعو الضرائب للوفاء بموعد تمديد التقديم في 15 تشرين الأول (أكتوبر).
بشكل عام تتفق شركات التوظيف على أن الوباء يؤدي إلى زيادة الطلب على العاملين الذين في أحد هذه الأشياء الثلاثة: تحويل الشركات رقميا (وهو ما يمكن لمحلل البيانات أو مطور التطبيقات عمله)، ونقل الأشياء (مثل سائق أو عامل مستودع) أو مساعدة الناس، كما تفعل الممرضات والأطباء.
من غير المحتمل أن تتلاشى الحاجة إلى العاملين في القطاع الطبي في أي وقت قريب. أحد مواقع الوظائف التي تستخدمها المنظمات في خدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة أدرج نحو 18 ألف إعلان الأسبوع الماضي.
الطلب على بعض الوظائف الصحية قوي لدرجة أنه أجبر شركات التوظيف على اتخاذ إجراءات خاصة. يقول نيك كيرك، العضو المنتدب لوكالة التوظيف، مايكل بيج Michael Page في المملكة المتحدة، إن الوباء دعم سوق صيادلة السوبر ماركت داخل المتاجر، المزحومين جدا خلال النهار بحيث يكافح الباحثون عن الكفاءات للوصول إليهم في ساعات العمل العادية.
يقول: “لا تحصل على صيدلي إلا بعد الساعة السابعة مساء. لذلك كان علينا أن يكون لدينا فريق يأتي عبر الإنترنت في وقت لاحق من اليوم أو أن نبدأ مبكرا في التقاطهم لأنهم لن يتحدثوا إليك طوال يوم العمل”.
القصة مماثلة لمخططي الطلب: الأشخاص الذين يتوقعون الطلب المستقبلي على المنتجات بحيث تكون سلسلة التوريد جاهزة لتقديمه. تصاعدت الحاجة إليهم في الوقت الذي تكثف فيه الشركات عمليات التسليم في ظل الوباء. يقول كيرك إن مثل هذه الوظائف تدفع ما يصل إلى 50 ألف جنيه سنويا، وقد أخبره زميل في أحد مكاتب وكالته في يوركشير أنه يمكنها تعيين شخص ما في هذا المنصب “بخمسة أضعاف” في الوقت الحالي.
في حالة وظائف التكنولوجيا، عمل كوفيد على تسريع الطلب الحالي لأنه يدفع كل شيء من التسوق إلى العمل المكتبي والفصول الدراسية عبر الإنترنت.
الحاجة إلى حماية الشبكات من مجرمي الإنترنت مثال على ذلك. كانت التقديرات قبل الوباء أن 3.5 مليون وظيفة في مجال الأمن السيبراني ستكون شاغرة على مستوى العالم بحلول 2021، ارتفاعا من مليون وظيفة في 2014.
الرقم الحالي غير معروف لكنه بالتأكيد “بالملايين”، كما يقول جون ديفيز، اللواء المتقاعد في الجيش الأمريكي، نائب رئيس شركة بالو ألتو نتويركس الأمنية.
في المراحل المبكرة الأكثر غموضا للوباء كبحت الشركة وتيرتها العالية عادة في التوظيف. لكن سرعان ما أصبح من الواضح أن كوفيد يؤدي إلى طفرة في فرص الجرائم الإلكترونية. “نتيجة لذلك، ازدادت أيضا الحاجة إلى الأمن السيبراني في هذا الوضع الطبيعي الجديد الذي نعيش فيه”.
خبرة الأمن السيبراني هي نوع واحد فقط من فجوة المهارات الرقمية التي سارعـت الشركات لسدها هذا العام.
مع تقدم الوباء، تمكنت بعض المنظمات من تنفيذ خطط التحول الرقمي التي تحتاج إلى 18 شهرا وأنجزتها خلال عطلة نهاية الأسبوع، حسبما ذكرت شركة أكسنتشر الاستشارية في تقرير لها هذا الشهر.
لكن 14 في المائة فقط من الشركات كانت “ناضجة رقميا” بما يكفي للقيام بذلك، ما يعني أن لديها بالفعل الأمور اللازمة من الأدوات الرقمية والتدريب والقيادة.
في ألمانيا، تبين الأسبوع الماضي أن مجموعة دايملر للسيارات، وهي حديثة عهد نسبيا بسوق السيارات الكهربائية، تعتزم توظيف آلاف المبرمجين لبناء نظام تشغيل رقمي لمنافسة تسلا.
في ظاهر الأمر، يبدو هذا بشرى سارة لمبرمج في مركز تكنولوجيا مثل وادي السيليكون، لكن كما هي الحال مع كثير من الأشياء في 2020، الحكمة التقليدية آخذة في التحول. يقول كيرك “تأثير الشحن الفائق لكوفيد” يعقد صورة التوظيف في الوقت الذي يرى فيه أصحاب العمل حجم العمل الذي يمكن القيام به خارج المكتب.
في الأسبوع الماضي تحدث إلى جهة اتصال في منظمة مقرها في أوروبا، كانت تسعى لتوظيف مئات من العاملين في مجال التكنولوجيا.
يقول، قيل لي: “انظر، يمكنهم العمل في أي مكان في العالم. أنا فقط أريد أفضل الناس المتاحين. إذا لم يكونوا في هذه الدولة حيث يوجد مكتبنا الرئيس اللامع الكبير، فلا مشكلة”.

المصدر
فاينانشال تايمز

فايننشال تايمز

صحيفة بريطانية دولية تتحدث عن الأعمال، يتم نشرها في لندن منذ تأسيسها في عام 1888 من قبل جيمس شيريدان وأخوه. هناك اتفاق خاص بين فايننشال تايمز وصحيفة الاقتصادية السعودية يتم بموجبها ترجمة لأهم مقالاتها يوميا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى