الرئيسيةمقالات

كيف ستتجاوز وكالات التجسس أزمة العمل من المنزل؟

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – هيلين واريل

في زيارة إلى وكالة الاستخبارات البريطانية MI5 في وقت سابق من هذا الشهر، فوجئت برؤية مكتب مليء بالناس. أثناء اصطحابي عبر المبنى، كان الموظفون يتدفقون عبر الممرات. كان علينا الانتظار للحصول على مصعد خال. منذ بداية جائحة كوفيد – 19، كانت غرفة الأخبار في “فاينانشيال تايمز” فارغة تقريبا وهادئة بشكل مخيف. في مقر MI5، تذكرت همهمة زملائي خلال محادثاتهم.
اتضح أن أعمال الاستخبارات لا يمكن أن تتم من المنزل. اعتاد معظم موظفي المكاتب على العمل عن بعد، لكن جمع المعلومات الاستخبارية – الذي يتم إجراؤه في مبان آمنة، محمية بشدة ضد الإشارات الخارجية أو المراقبة غير المرغوب فيها – لا يمكن نقله بسهولة إلى طاولة المطبخ.
نتيجة لذلك، لا يزال أغلبية موظفي MI5 يتنقلون يوميا إلى “تايمز هاوس” Thames House، وهو مبنى متقشف ذو واجهة حجرية على طول النهر من وستمنستر، حتى في حالة الإغلاق. الوكالة التي تتبع تدابير السلامة، تعد دراسة حالة مفيدة لعدوى كوفيد – 19 في أماكن العمل. توفر “هيئة الصحة العامة في إنجلترا” مرافق اختبار في الموقع وتجري أبحاثا هناك.
أكبر عقبة هي الحفاظ على التباعد داخل الفرق العاملة في العمليات النشطة، التي يحتاج أفرادها إلى أن يكونوا على اتصال دائم، وهؤلاء الموظفون الأساسيون موجودون غالبا في المكاتب. لكن المسؤولين في MI5 والوكالتين الشقيقتين MI6 وGCHQ يقولون إن التحدي المتمثل في العمل بأمان أدى إلى تغييرات.
يعمل بعض الموظفين في نوبات منفصلة لتقليل الاتصال – وهو تكتيك يستخدمه نظراؤهم في وكالات الاستخبارات الأمريكية. يقسم الآخرون الأسبوع بين الاجتماعات (التي يمكنهم الانتقال إليها من المنزل، مع قليل من المراقبة المضادة في الطريق) وتقديم تقارير سرية، وهو ما يجب القيام به من مبنى آمن. يمكن في بعض الأحيان أن تتم الإدارة عن بعد. كما أدى الوباء أيضا إلى تسريع العمل على أنظمة الاتصال المشفرة للسماح لموظفي الاستخبارات بالتحدث مع بعضهم بعضا بشكل آمن من خارج المكتب.
تأمل سو جوردون، النائبة السابقة لمدير المخابرات الوطنية الأمريكية، التي قضت 27 عاما في وكالة المخابرات المركزية، أن يشجع كوفيد – 19 على مزيد من التفكير الراديكالي. تقول إن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تفكر منذ فترة طويلة في كيفية توظيف الأشخاص بشكل مفيد خلال العام أو العامين اللذين يستغرقهما الأمر للحصول على تصريح أمني للعمل داخل الوكالات. هناك أيضا أسئلة حول إمكانية تحليل المعلومات المتاحة للجمهور خارج المكاتب الآمنة. “أعتقد أننا كنا بحاجة إلى التغيير على مدار الأعوام الخمسة الماضية، لكن نظرا لعدم وجود أزمة، كان بإمكاننا دائما تأجيل العمل (…) بقدر ما هو مأساوي وصعب، بقدر ما يقدم كوفيد فرصة لا تصدق لفعل ما نحتاج إليه”.
تعتقد جوردون أن الوكالات تتمتع حتى الآن بـ”رفاهية” القدرة على العمل بأعلى مستوى من السرية حتى عندما لا تكون ضرورية تماما. لكنها قد تضطر الآن إلى الخروج من القبو.
كان أحد التطورات اللافتة للنظر هو الفائدة المتزايدة للاستخبارات مفتوحة المصدر، من صور الأقمار الصناعية إلى تتبع الرحلات الجوية. استخدم الموقع الاستقصائي “بلينج ـ كات” Bellingcat هذه الأساليب وحقق منها تأثيرا مذهلا: كشف هذا الأسبوع كيف ظل جهاز المخابرات الروسية يلاحق زعيم المعارضة، أليكسي نافالني، لعدة أعوام، بما في ذلك في الأيام التي سبقت تسممه بغاز أعصاب مميت في سيبيريا.
كان مسؤولو المخابرات البريطانية يفكرون منذ بعض الوقت في كيفية العمل بشكل أكثر انفتاحا. أطلقت GCHQ وهي أكثر وكالات المملكة المتحدة سرية من الناحية التقليدية، فرعا جديدا في وسط مانشستر في وقت سابق من هذا العام، بأرضية مصممة للوصول العام، حتى يتمكن موظفو المخابرات من التعاون بسهولة أكبر مع صناعة التكنولوجيا والأكاديميين. يقع المكتب في مبنى مشترك، ولا يزال يحتوي على منطقة سرية للغاية. لكن الغرض منه هو الإشارة إلى تحرك نحو “أسلوب حرم جامعي” أكثر استرخاء في العمل، حيث يتجول الجواسيس بين الأماكن السرية وغير السرية.
لا يشجع الأنموذج فقط على التعاون، ولكن إذا تم دمجه مع العمل عن بعد سيكون أكثر أمانا، ويمكنه أيضا المساعدة على توظيف مجموعة أكثر تنوعا من ضباط المخابرات الذين لا يريدون أن يتمركزوا في الجنوب الشرقي.
النهج الأكثر انفتاحا قد يساعد موظفي المخابرات على العمل بشكل أكثر رشاقة في المستقبل. لكن جوردون تحذر من أن الذين يضغطون من أجل التغيير سيواجهون معارضة. تقول: “يتعين على مجتمع الاستخبارات أن يعمل على كيفية إدارة كل من التكنولوجيات الجديدة وطرق العمل الجديدة. لكنني أعتقد أنه ستكون هناك معركة شرسة من الذين يريدون إبقاء مؤسساتهم حكرا لهم، خاصة إذا سمح لنا اللقاح بالعودة إلى العمل كما اعتدنا”.

بواسطة
الاقتصادية
المصدر
فاينانشال تايمز

فايننشال تايمز

صحيفة بريطانية دولية تتحدث عن الأعمال، يتم نشرها في لندن منذ تأسيسها في عام 1888 من قبل جيمس شيريدان وأخوه. هناك اتفاق خاص بين فايننشال تايمز وصحيفة الاقتصادية السعودية يتم بموجبها ترجمة لأهم مقالاتها يوميا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى