الرئيسيةريادة

راهن على المهووسين بالتكنولوجيا.. لن تخسر

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – جون ثورنهيل

أثبت الأسبوع الماضي، إذا كان هناك شك، أن من الرائع حقا أن تكون مهووسا. الأربعاء، حصل لقاح كوفيد – 19 من إنتاج بايونتيك/فايزر على الموافقة التنظيمية في المملكة المتحدة، ما يوفر أفضل أمل لمواجهة الوباء الذي أودى بحياة ما يقارب 1.5 مليون شخص ودمر الاقتصاد العالمي.
وقبل يومين كشفت جوجل ديب مايند، شركة الذكاء الاصطناعي التي يوجد مقرها في لندن، أن نظام “ألفا فولد” AlphaFold الخاص بها يمكن أن يتنبأ بهياكل البروتين، ما يساعد على حل لغز أحبط الباحثين على مدى 50 عاما. قالت شركة ديب مايند إن هذا الاكتشاف قد يؤدي إلى تسريع اكتشاف الأدوية، وتقليل النفايات البلاستيكية، واحتجاز الكربون. فينكي راماكريشنان، الحائز على جائزة نوبل ورئيس الجمعية الملكية البريطانية، وصف ذلك بأنه “تقدم مذهل”.
يخبرنا بعض الاقتصاديين أن الابتكار الهادف قد انتهى، وتوقفت الإنتاجية، وأكلنا بالفعل كل ثمار العلم الدانية. لكن الباحثين في العالم أثاروا الاحتمال المشوق بأن أنظمة التعلم الآلي ومنهجيات البحث الجديدة قد توفر الآن سلما سهلا للبشرية، ما يساعدنا على قطف التفاح اللذيذ من أعلى الشجرة.
بشكل عام، يحتاج البحث بالتأكيد إلى دفعة. ورقة اقتصادية نشرت في المجلة الاقتصادية الأمريكية “أمريكان إيكونوميك ريفيو” هذا العام سلطت الضوء على إلى أي مدى أصبحت الابتكارات عصية. أظهرت الورقة أن المدخلات البحثية كانت ترتفع بشكل حاد على مدى عقود، في حين أن مخرجات البحث كانت تنخفض بمعدل أسرع.
في الولايات المتحدة زادت الجهود البحثية منذ ثلاثينيات القرن الماضي بمقدار 23 ضعفا، أي بمعدل نمو يبلغ 4.3 في المائة سنويا. ووجدت الورقة أن إنتاجية البحث تراجعت بمقدار 41 ضعفا، 5.1 في المائة سنويا.
ويرجع ذلك جزئيا إلى أن المشكلات الحدودية آخذة في التعقيد بصورة متزايدة وتكلفة حلها آخذة في الازدياد، نظرا لأن “عبء المعرفة” – حجمها الهائل – يلقي بثقله على الأجيال المتعاقبة.
خذ قوة الحوسبة، مثلا، التي كانت على مدار الـ50 عاما الماضية متوافقة إلى حد كبير مع قانون مور، الذي توقع أن عدد الترانزستورات على شريحة الكمبيوتر سيتضاعف كل عامين. وجدت الورقة أن عدد الباحثين الذين يحتاجون إلى مضاعفة كثافة الرقائق اليوم يزيد على 18 ضعف العدد المطلوب في أوائل السبعينيات.
قد تكون حدود الفيزياء هي التي تفرض قيودا خاصة على تطوير رقائق السيليكون. لكن مؤلفي ورقة المجلة الاقتصادية الأمريكية وجدوا أن الاتجاه العام ينطبق أيضا على الإنتاج الزراعي والبحوث الطبية. وخلصوا إلى أن “النتيجة القوية التي توصلنا إليها هي أن إنتاجية البحث تنخفض بشكل حاد في كل مكان ننظر إليه”.
أشر إلى أن هناك جفافا ابتكاريا في أي مكان بالقرب من “جامعة سينجولاريتي (الفردانية)”، الموطن الروحي للتبشير التكنولوجي في وادي السيليكون، وسيتم ازدراؤك لهذه الفكرة. سيخبرونك بأن الاقتصاديين يفكرون بطريقة متدرجة، ويفكر التكنولوجيون في تغييرات كبيرة ومفاجئة.
بالنسبة لهم، يعد الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا ذات أغراض عامة ستكون تحويلية عبر مجموعة كاملة من الصناعات، مثل الكهرباء. تكنولوجيات جديدة ومثيرة أخرى، مثل الحوسبة الكمية، وبرمجيات الكتابة الذاتية 2.0، والتكنولوجيا الحيوية، تفتح أيضا إمكانيات لعصر جديد من الاكتشافات والإنتاجية الاقتصادية.
تاريخيا كان هناك تأخر لمدة 20 عاما أو أكثر بين تبني تكنولوجيا جديدة مهمة وانتشارها اقتصاديا. التعلم الآلي، الذي يمكنه استخراج قيمة من كميات هائلة من البيانات، يمكن أن يساعد الباحثين على التغلب على عبء المعرفة وإيجاد مسارات جديدة للاكتشاف. قريبا، سنتصارع مع المعضلات التي تطرحها الوفرة وليس الندرة.
نيكولاس بلوم، أستاذ الاقتصاد في جامعة ستانفورد والمؤلف الرئيس لورقة المجلة الاقتصادية الأمريكية، ليس من السهل إقناعه. إنه يقبل أن الاكتشافات الجديدة، مثل ألفا فولد، يمكن أن تشير إلى تغيير ثوري في معدل واتجاه التقدم العلمي. لكنه يجادل بأن هذا من غير المرجح أن يغير المسار العام للاقتصاد في ضوء التباطؤ العنيد والقاسي في نمو الإنتاجية.
يقول البروفيسور بلوم إن الاختراعات السابقة، بما في ذلك الأقمار الصناعية والحوسبة الحديثة والإنترنت، لم تغير الصورة. “الذكاء الاصطناعي أمر كبير وسيمنحنا دفعة من النمو، لكن هل سيكون ذلك كافيا لتعويض هذا الاتجاه؟”.
إذا كان من الممكن استخلاص أي درس من التاريخ الاقتصادي، فهو أن التنبؤ بتأثير التكنولوجيا يعد لعبة حمقاء. سيكون من التسرع تعاطي جرعة زائدة من التفاؤل. ولكن، للمفارقة، كلما كنت أكثر تشاؤما بشأن التأثير الاقتصادي للاكتشافات، كانت الحجة أقوى لزيادة الإنفاق على البحث. وستكون هناك حاجة إلى المزيد من المدخلات لتحقيق نتائج مهمة.
بغض النظر عن المذهب الذي تنتمي إليه، هناك شيء واحد واضح: الرهان على المهووسين بالتكنولوجيا أمر يستحق الإقدام عليه.

بواسطة
الاقتصادية
المصدر
فاينانشال تايمز

فايننشال تايمز

صحيفة بريطانية دولية تتحدث عن الأعمال، يتم نشرها في لندن منذ تأسيسها في عام 1888 من قبل جيمس شيريدان وأخوه. هناك اتفاق خاص بين فايننشال تايمز وصحيفة الاقتصادية السعودية يتم بموجبها ترجمة لأهم مقالاتها يوميا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى