د. بهاء الدين الخصاونة
منذ إعلان استقلال الفضاء السيبراني قبل ما يزيد عن ربع قرن وبالعام 1996 تحديداً من قبل العديد من الناشطين ، وما زال السؤال قائماً هل أوفت الإنترنت بوعدها ؟ الوعد بحرية التعبير والاندماج والتكافأ في الوصول للمعلومة وابداء الرأي والمعتقد دون قيد او خوف او رقابة وترسيخ الديموقراطية . وهل اوفت بوعدها بحياة ومستقبل افضل لأولئك الذين يعيشون على حافة الحياة…معدمين محرومين ينخرهم الفقر والجوع والجهل والحرمان. ففي عصر الإنترنت هذا يجب ان لا يترك احد خلف التكنولوجيا, فقد وُلدت الإنترنت لتكون متاحًة للجميع لا تفرق بين مستخدميها لا بالعرق او الدين والمعتقد او الجغرافيا او بين فقير وغني.
وقبل الإجابة على هذين السؤالين لا بد ان نعترف ان ما قدمته التكنولوجيا المبنية على الإنترنت قد احدثت بالفعل نقلة نوعية في عالم الإتصالات والتواصل الإجتماعي ووفرة المعلومة. وخاصة للمجتمعات المنغلقة اوالمحدودة المصادر وعلى كافة الصعد الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. كما مثلت تحدياً كبيراً للحكومات والمؤسسات الرسمية في تلك الدول لتتعامل مع فيض من الإرباك للمنضومة الإدارية والتشريعية اما تطويراً لمجاراة الواقع الجديد او تشددا للحد من هذه الأثار عليها والحفاظ على بنيتها السلطوية. ولا يغيب عن بالنا حجم التأثير والدورالسياسي الذي لعبته المواقع الالكترونية ومنصات التفاعل الاجتماعي اثناء موجات الربيع العربي في تجييش المتظاهرين فكراً وعملاً مما ساعد في تغيير بنية العقل العربي وادى لسقوط أنظمة وتعديل دساتير وقوانين وهي أمور كانت ضرب من الخيال لدى المواطن العربي وما زالت ارتدادتها لم تنتهي بعد. كما ساهمت في ايجاد انواع جديدة من ممارسات الثقافة السياسية التي جعلت الكثير من الانظمة تستمع إلى اصوات المواطنين وتبدأ بالانفتاح والاصلاح السياسي.
معظم هذه الإحصاءات والدراسات اتت قبل جائحة الكورونا والتي ادخلت العالم في تحديات ربما تكون الأكبر والأخطر منذ عقود طويلة. وستكون عواقبها وخيمة حسب ما يتوقعه الكثيرون على الأقتصاديات المحلية والدولية وستزداد معدلات الفقر والأمية وستتأثر اندفاعة التكنولوجيا لتغير الأولويات بالرغم من انه لا تزال إمكانات التكنولوجيا لتغيير عالمنا لا حصر لها ، لا يحد من مجالاتها الا محدودية مخيلاتنا او قوانين تضعها الدول على حرية تبادل الأفكار والمعلومات او ظروف قاهرة .