الرئيسيةمقالات

“الفرصة الرقمية” ما زالت قائمة

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

د. بهاء الدين الخصاونة

منذ ما يزيد على ثلاث سنوات مضت، كنت قد دعوت وفي أكثر من مناسبة إلى استغلال المرحلة والحالة التكنولوجية التي نمر بها نحن والعالم أجمع. والتي تتسم بتسارع غير مسبوق في التطور التقني وتزايد في اعتماد كثير من القطاعات الاقتصادية في أعمالها على التكنولوجيا وخاصة تلك المبنية على الإنترنت، إضافة لزيادة القبول عند مستخدمي هذه التكنولوجيات للمبادئ الحديثة التي صاحبت هذه الطفرة التكنولوجية. فمنذ ما يزيد على عقد من الزمن والعالم يمر بمرحلة «الفرصة الرقمية»، والتي لا أعتقد أنها ستتكرر مرة أخرى. والأردن المنفتح على كل ما هو جديد، استشرف المستقبل وتبنى كثيرا من المبادرات والخطوات لاستغلال هذه الفرصة وتحقيق نقلة اقتصادية وعلمية ومعرفية في عالم تكنولوجيا المعلومات. ولكن للأسف لم نشاهد تلك النقلة أو جزءا من الأهداف المأمولة. فلا بد أن يستفيد الأردن من هذه الفرصة وإلا بقي خلف الركب يحاول اللحاق بدول اقتنصت الحالة وانتقلت بمجتمعاتها نقلة حضارية متميزة.

ولهذه «الفرصة الرقمية» بالأردن معالم واضحة وأسباب نجاح إذا ما تم استثمارها فهي كفيلة بنقل الأردن نقلة نوعية ذات مردود اقتصادي واجتماعي نوعي. ومن أهم هذه المعالم: أولاً، يتميز الأردن بأنه دولة فتية، ويمثل الشباب ضمن الفئة العمرية الأقل من 30 عامًا حوالي ثلثي عدد سكانه وغالبيتهم لديهم شغف عال بالتكنولوجيا والتغيير، كما أن ريادة الأعمال هي قيمة حقيقية لديهم. ثانياً، وجود بنية تحتية لشبكات الإنترنت والاتصال السلكي واللاسلكي وشبكة الألياف الضوئية والتي بمجموعها تغطي كافة مناطق المملكة وقادرة على ايصال خدماتها لكل المواطنين على اختلاف أماكن تواجدهم. ثالثاً، وهي على درجة عالية من الأهمية وتتمثل بالمنظومة التعليمية على المستوى الإلزامي أو التعليم الجامعي العالي أو التطبيقي. فقد تبنت هذه المنظومة إدخال تكنولوجيا المعلومات كمساقات ولكافة المستويات والتخصصات، وأصبحت معاهدنا وجامعاتنا تخرج أعدادا كبيرة من المتخصصين بمجالات تقنية عالية المستوى، كما أنها تواكب التطورات بإدراج العلوم الحديثة مثل علم البيانات والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والتسويق الإلكتروني رافدة بذلك السوق المحلي والإقليمي بكفاءات متميزة. ولعل الدعم الملكي المباشر هو من أهم معالم هذه الفرصة محلياً، والذي تمثل منذ البدايات بدعوة لتبني تكنولوجيا المعلومات كخيار اقتصادي وإستراتيجي والمتابعة الحثيثة لجلالة الملك لجلب الاستثمارات الخارجية وتشجيع القطاع الخاص لأخذ دوره الحقيقي ومن خلال الكثير من المبادرات الهادفة لجعل الأردن مركزاً إقليمياً وعالمياً في صناعة وتطوير البرمجيات.

أما وبعد مرور ما يقارب عقدين من تبني إستراتيجيات للتحول الرقمي، وبالرغم من أن ما تم إنجازه على أرض الواقع هو بكل تأكيد لا يستهان به، حيث وصلت اشتراكات الإنترنت للموبايل برودباند نسبة 95.6 % من سكان الأردن وبأن 89 % من الأسر الأردنية يتوافر لديها اشتراك إنترنت وأن حوالي 90 % من الأسر يتوافر لدى أحد أفرادها هاتف خلوي ذكي. كما تتوافر بعض الخدمات الإلكترونية للقطاعين الحكومي والخاص المتناثرة دون أن تشكل منظومة حكومة إلكترونية حقيقية. إلا أن هذا ليس قريبا مما كنا نأمله كدولة كانت دوماً في مقدمة دول المنطقة في التطور الإداري والتقني والتعليمي. لذلك لا بد من إعادة النظر بإستراتيجيات الحكومة الإلكترونية وإستراتيجيات التحول الرقمي ومراجعة الأسباب التي أدت لتأخرنا بهذا المجال بهدوء وتصميم لإنجاز المتطلبات الأساسية للبنية التحتية الشاملة والتوعية والتدريب وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص. وبناء نموذج عملي بسيط قابل للتطور والزيادة عليه، وبخطوات تكاملية مدروسة يواكبها تعديلات تشريعية قادرة على التكيف مع تطورات التكنولوجيا المتسارعة.

إن ما لمسناه خلال جائحة فيروس الكورونا من قبول لا بل ومطالبة مجتمعية كبيرة لاستخدام تكنولوجيا المعلومات ولفكرة التجارة الإلكترونية والخدمات المبنية على الإنترنت والتعليم عن بعد، لهو دليل قوي على أن الأردن لديه القدرة والموارد والشغف لإحداث نقلة تقنية نوعية مستفيداً من هذه الفرصة ومسخراً لكامل إمكانياته للانتقال إلى مرحلة رقمية ومعرفية قادرة على بناء اقتصاد رقمي حقيقي.

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى