ريادة

مهاتير محمد: التركيز على النمو الإقتصادي صهر المكونات الماليزية

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

عرض رئيس الوزراء الماليزي الأسبق الدكتور مهاتير محمد، تجربة بلاده في التنمية، مقدما أبرز الخطوات التي قطعتها الحكومات الماليزية، ليشكل اقتصادها 30 % من الاقتصاد العالمي.

وخلال لقاء رئيس الوزراء الماليزي الأسبق الذي دعت إليه مؤسسة عبدالحميد شومان أول من أمس تحت عنوان “نهضة أمة”، وحضره سمور الامير الحسن بن طلال، استعرض محمد، كيفية ضم الأقليات الاثنية والعرقية في أحزاب فرعية، شكلت في مجملها ائتلافات تشكل الحكومات، مشيرا لتمسك تلك الأحزاب ببعضها، حرصا منها على ديمومة الاستقرار السياسي.

وأشار محمد إلى أن الاستقرار السياسي، ورغبة الجميع في الخروج من الظروف الاقتصادية التي مرت بها البلاد، مهد الطرق لعبور الخطط الاقتصادية بشكل متدرج، لكن بنتائج إيجابية.

وقالت المديرة العامة للمؤسسة فالنتينا قسيسية خلال تقديمها لضيف اللقاء إن المؤسسة ومنذ نحو عامين تحاول استضافة الدكتور مهاتير محمد.

ولخصت قسيسية التجربة التنموية الماليزية من خلال تحولها الكبير من بلد ذي اقتصاد زراعي ضعيف، إلى بلد صناعي متقدم، مشيرة إلى جهود محمد في تلك التجربة، واصفة إياه بـ”أب التطور في ماليزيا.

وذكرت قسيسية بأن محمد الطبيب؛ لم يتدرب على السياسية قبل أن يتبوأ المنصب السياسي الأول في بلاده، لكنه ومن خلال مهنته كطبيب، كان على دراية بأمراض وطنه، مستعرضا أبرز محطاته وخبراته في السلك الوظيفي، قبل أن يتربع على كرسي رئيس الوزراء المنتخب منذ العام 1981 وحتى العام 2003.

من جهته أكد الدكتور مهاتير محمد بأن شعور الجميع بالاستفادة من خطوات التنمية، شكل حافزا لهم لدفع عجلة الاقتصاد الماليزي.

وشدد على مبدأ الشراكة بين الجميع من جهة، ومبدأ معادلة التوازن في الحقوق والواجبات من جهة أخرى، ما جعل الجميع يشعر بأن “له حصة في كعكة التنمية.

وأكد محمد أن القوى كافة، ركزت على النمو الاقتصادي أكثر من تركيزها على السلطة السياسية، ما صهر المكونات الماليزية المشكلة من أقليات واثنيات متعددة في بوتقة النمو الاقتصادي.

وأجمل تجربة ماليزيا في التطور الاقتصادي من خلال الاستفادة أولا من خصائص الاقتصاد الزراعي، ومن خلال توزيع وحدات من الأراضي التي تملكها الدولة، وعبر جمعيات على مواطنين، وفق النظام الفدرالي لتوزيع الأراضي.

وهو بحسبه، ما ساهم وإلى حد كبير في تخفيف أرقام البطالة التي بلغت نحو 60 % بين السكان.

وأوضح محمد أن ماليزيا كانت بلدا فقيرا تملك رأس مال صغير، ولا تملك أي خبرة في الاقتصاد الصناعي، ما دفع حكومتها لدعوة مستثمرين أجانب للشروع في بعض الصناعات التي تعتمد على العمالة، ولتشجيع الاستثمار وتشغيل الأيدي العاملة، أعفيت الشركات الصناعية من الضريبة لمدة 10 أعوام.

وأكد محمد أن ما شجع المستثمرين، أجور العمالة التي كانت رخيصة، والاعفاءات الضريبية التي كانت مغرية، في حين استفاد الاقتصاد الماليزي من قدرة العمالة الماليزية على التدريب على الحرف اليدوية والمهن الصناعية المختلفة، والتدريب على المهارات كافة.

وأشار في السياق ذاته، إلى أن الأسواق الصناعية استنفدت العمالة الماليزية المتوافرة، وبدأت الدولة باستيراد العمالة من الخارج.

وشدد رئيس الوزراء الماليزي الأسبق على أن ارتفاع نسبة الفقر في المجتمع، هي أهم عوامل غياب الاستقرار السياسي.

وأشار إلى أن تطور مواكبة الاقتصاد الماليزي للأسواق الجديدة في العالم، دفعها للاستفادة من صناعة تكنولوجيا المعلومات، وهو ما استفادت منه بفضل تنبه الحكومة الماليزية لأهمية التعليم، ورفع مستوياته عبر المراحل التعليمية كافة.

ولفت إلى أن ماليزيا أرسلت طلابها للدول التي تدرس باللغة الانجليزية مثل بريطانيا وكندا والولايات المتحدة الأميركية، ما وفر جيلا جديدا من العمالة الماليزية، صاحبة معرفة ذهنية، وليس يدوية وحسب.

وعبر تتابع مسارات الاهتمام في التعليم، ارتفع مستوى تعليم الافراد، ما هيأ لهم فرصة الارتقاء الوظيفي، ومفهوم الصناعة في ماليزيا، إلى أن ينتقل من تجميع الأدوات، إلى تكنولوجيا المعلومات والمعرفة.

وأكد محمد في معرض حديثه على قدرة بلاده من الاستفادة من سياسة “النظر إلى الشرق”، وتحديد مدى نوعية الفائدة التي اكتسبتها من تجارب دول خرجت من الحرب، وإعادة بناء الأرض والإنسان، كاليابان، بالإضافة لدول أخرى كتايلاند وكوريا والصين.

وقال إن ما لفته في تجربة اليابانيين، هو تنمية حس الخجل من الفشل، ما يعزز قيم التحدي في الانجاز، فتجد الياباني كمواطن وعامل، ينتمي إلى قيم الأخلاق والأمانة، وفي الوقت ذاته، يحرص على تقديم منتج منافس عالي الجودة.

وأشار محمد الى أن ماليزيا التي فرضت نسبة 40% كضرائب على الشركات والصناعات سابقا، أعادت تخفيض تلك النسبة إلى 26 %، لكن من دون أن تتأثر إيرادات الدولة من الضريبة، وهو مؤشر اقتصادي على قوة السوق الماليزي وانتعاشه.

وشدد على أهمية مأسسة العمل مع القطاع الخاص، لأنه يحمل جانبا مهما من العمالة الماليزية من جهة، ويدفع الضرائب بعد تحقيقه للأرباح من جهة أخرى، فالدولة تربح من أرباح تلك المؤسسات.

وحول سياسة النظر إلى الشرق التي اتبعها محمد، أشار إلى أن ما لفت انتباهه في التجربة اليابانية، هو شعور العامل الياباني مهما اختلف قطاعه بالفخر مما قدمه من سلع أو منافع، دون النظر فقط إلى ما يتقاضاه مقابل ذلك العمل، ما دفعه لنقل التجربة إلى ماليزيا عبر جهود متواصلة.

وفي السياق ذاته، أشار محمد إلى أن أول المهام التي قام بها لدى تسلمه المسؤولية، الذهاب للناس وسماع شكاواهم، خصوصا في المؤسسات التي لها اتصال مباشر بالخدمات، مؤكدا أن كسب ثقة المواطن كانت أولى مهماته.

 

ولفت الى أن مقومات النجاح، هي ذهنية، والخضوع لنظام قيمي جيد، بحيث يشعر الموظف برغبته في العمل الجاد، دون أن يلتفت لمغريات السرقة والغش والرشوة، ما تطلب جهدا كبيرا للوصول لغرسه بين الناس.

وأشار إلى أن معسكرات تدريبية أقيمت للعاملين في المؤسسات الماليزية المختلفة، وتم تدريبهم وتوجيههم من خلال المحاضرات والإرشادات، للتوعية بخطر الرشوة التي تظهر العامل بصورة المتسول، في حين أن تسهيل المهمة على المواطن أو المستثمر، تعني مصلحة وطنية عليا بالنسبة للدولة، وأن التوقف عن مثل ممارسة بعض الأفعال المشينة، والتوجه للصدق في العمل سيكون له مردود إيجابي كبير على الجميع.

واستعرض محمد خطة الرؤية الماليزية 20/20، وقال بصفته طبيبا، فقد استعان بالأرقام التي تشير إلى سلامة الرؤية بـ6/6، وهي الخطة التي بدأتها الحكومة الماليزية العام 1990، وستصل إلى سنة الهدف العام 2020 وماليزيا بلد متطور، صاحبة اقتصاد قوي ومتماسك، بعد أن بلغت قيمة الادخارات 40 % من الدخل القومي الماليزي، عبر صناديق محددة.

وانتقد رئيس الوزراء الماليزي الأسبق، خطط صندوق النقد الدولي، وقال إن الحكومة الماليزية قررت بعد دراستها ألا تتبعها، لأنها تفقرنا ولا تفيدنا، مستعرضا ما تحملته ماليزيا خلال عامين من الصعوبات، لكن من دون أن ترضخ لإملاءات الصندوق.

أوضح محمد أن الاستفادة من العولمة يجب ألا يتوقف عند حدود نقل الأموال، بل يجب أن يشمل نقل المعرفة والعقول، بغية الاستفادة أكثر من ميزة “أن يكون العالم قرية صغيرة.

وانتقد محمد الغرب الذين لا يعرفون عن العولمة سوى نقل الأموال، في حين أنه حاججهم في القول إن هناك 100 مليون فقير صيني، ومثلهم هندي، لماذا لا تنقلونهم إلى بلادكم، ليعيشوا حياة كريمة؟!، مؤكدا بأن نصائح الغرب هي لنفعهم وحدهم، دون سواهم.

وقال بالنسبة للغرب فالعولمة تعني الانتقال الحر للأموال، بينما بالنسبة لمحمد فالعولمة هي انتقال الفقراء من الجنوب الأقل تنمية، إلى الشمال الأكثر تنمية.

من جهته، قدم سمو الأمير الحسن بن طلال مداخلة، تمنى أن تكون بالإنابة عن جميع الحاضرين، وبعد أن أثنى على الدكتور مهاتير محمد، وقدراته العالية في مجالات عمله المختلفة، أكد سموه على أهمية التشبيك بين الدول، ما ينتج عنه فائدة عامة للشعوب.

وحول خطة الرؤية 20/20 لماليزيا، تمنى الأمير اتباع “سياسة النظر إلى الشرق” في منطقتنا، بما يؤشر باتجاه شرق آسيا، وليس النظر إلى الغرب منا الذي يمثل أوروبا، موضحا سموه أننا إذا كنا غرب ماليزيا، فإنها ستكون شرق آسيا.

المصدر : صحيفة الغد الاردنية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى