ريادة

أنظار المستثمرين تتجه نحو ثروات الفضاء

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

يتزايد عدد شركات الفضاء التجارية، مما يوفر للمستثمرين فرصة تشكيل قطاع جديد من قطاعات الصناعة. الصحفية العلمية سارا كروداس تلقي الضوء على الثروات التي يمكن للمستثمرين تحقيقها من الفضاء.

كان الوصول للفضاء منذ زمن طويل أمرا بعيد المنال بالنسبة لأغلبنا. مرّت قرابة 60 سنة منذ إطلاق مركبة الفضاء “سبوتنيك 1” التي بشّرت بظهور عصر الفضاء.

ومن وقتها، سار الناس على سطح القمر، وتدحرجت المركبات الآلية الجوالة على سطح كوكب المريخ، واستكشفت أعداد وفيرة من أجهزة المسبار أجراماً سماوية في نظامنا الشمسي، كان آخرها كوكب بلوتو. إلا أن حقل الفضاء كان في العادة حكراً على الحكومات، فقد كانت تملك وحدها الموارد الكافية لتمويل ذلك القطاع.

رغم ذلك، وفي السنين الأخيرة، بدأت شركات مثل “سبيس إكس” و “فيرجين غالاكتيك” في تسويق برامج لاستكشاف الفضاء، بلغت قيمتها 13 مليار دولار أمريكي خلال العقد الماضي.

قد يساهم هؤلاء المستثمرون في تحقيق أفكارٍ طموحة، مثل قضاء عطلات في رحلات إلى القمر، أو للتعدين على سطح القمر، أو القيام برحلات إلى المريخ، وكلها أفكارٌ قد يصبح بإمكان أناس عاديين كثيرين القيام بها في يوم ما والتمتع بفرص خيالية.

وقد جاء في تقرير نُشر الشهر المنصرم فقط، وموّلته جزئياً وكالة “ناسا” الفضائية، أنه من الممكن إكمال قاعدة دائمة في القمر في سنين العقد الثالث من القرن الحالي، وأن التمويل الخاص قد يساعد في بنائها.

وبينما ينمو هذا السوق ويصبح ذا صلة أكبر بالمستهلكين العاديين، فهل يا ترى سيسعى المستثمرون العقلاء للوصول إلى النجوم؟.

يعتقد تشاد أندرسن، المدير العام لقسم العمليات الأوروبية في ” شبكة ممولي الفضاء “، وهي مجموعة استثمارية تربط ما بين ممولي الفضاء المحتملين مع الشركات العاملة في قطاع التجارة الفضائية، أن ذلك صحيحا.

 

 

يقول أندرسن: “إن قطاع الصناعة الفضائية لا يزال في طور التصور”، وهذا يعني أنه يمكن لمستثمري اليوم صياغة وتحديد مسار هذا المجال الصناعي.

ويضيف قائلاً “في عام 2012، كان لدينا 20 ممولاً مستثمراً. أما الآن فقد وصل العدد إلى 60 ممولا”.

وقال كيفن كوك، الذي يعمل في “مؤسسة الفضاء” غير الربحية والتي تُعنى بالتوعية فيما يخص جميع جوانب مجال الصناعة الفضائية: ” اننا في ذروة عهد استكشاف الفضاء”.

بالطبع، إن بعض قطاعات الصناعة الفضائية متقدمة بالفعل. في الحقيقة، نحن نعيش في عالم قد تغير بالفعل بفضل الفضاء، إذ يساوي هذا القطاع الصناعي حالياً رقما مذهلاً هو 300 مليار دولار.

وتدعم معظم هذه الأموال تطوير الأقمار الصناعية ومنظومات إطلاقها، وهي سوقٌ يرى فيها الممولون من المؤسسات التجارية الكبرى أنها فرصة تجارية قابلة للتطبيق بالفعل، حسبما يقول أندرسن.

وفي حين تركز المؤسسات على هذه الأسواق الأكثر ضماناً، فإن نمو الاستثمار الفردي الخاص يساعد على تمويل قسم من أكثر المشاريع الفضائية غرابة، مثل التعدين الفضائي والسياحة الفضائية.

ويصف أندرسن مثل هذه المشاريع بأنها مشاريع “السماء السوداء”، ويقول إن أغلبية المستثمرين الأفراد ـ ويمثلون نحو 80 في المئةـ يختارون استثمار أموالهم فيها. هذا أمر باستطاعة الأفراد أن يقوموا به، بعكس الحكومات أو الشركات الكبرى، حيث نجد لديهم الحرية الكاملة للاستثمار كما يشاؤون.

اشترى أحد هؤلاء المستثمرون، وهو ديلن تيلر، تذكرة إلى حافة الفضاء على متن مناطيد الارتفاعات العالية التي يتم تطويرها من قبل شركة “وورلد فيو إنتربرايزس”، ومقرها ولاية أريزونا الأمريكية.

كان حافزه بسيطاً جدا، “لا علاقة للأمر بالربح. إنه يتعلق بمساعدة هذا القطاع الصناعي. أريد أن أراه يتطور”، حسب قوله. ومن بين الشركات التي استثمر فيها تيلر أمواله هي “غولدن سبايك” في كولورادو، وهي من بنات أفكار عالم الكواكب ألان ستيرن.

وهدف العاملين في هذه الشركة تحديدا هو تقديم خدمات النقل الفضائي التجاري الخاص إلى سطح القمر. ويضيف تيلر: “إذا كنت تستطيع أن تحلم به، فمن الممكن أن يتحقق. إنه أمر سيغيّر العالم.

إستثمارٌ ذو إغراءات

مهما يكن، ينبغي على المستثمرين المحتملين أن يفكروا مليّاً قبل الاستثمار في مشاريع “السماء السوداء”. “تحتاج إلى أناس جريئين، لا يهابون خسارة أعمالهم، لكي يموّلوا نواة مشاريع مبتكرة حقاً،” كما يقول خوسيه ماريانو لوبيز، صاحب شركة “زيرو- تووـ إنفينيتي” في برشلونة.

ويعوّل لوبيز على أولئك الأفراد الشجعان ليستثمروا في شركته، ويأمل في إرسال زبائن يشترون تذاكر الذهاب إلى أعالي الفضاء بواسطة مناطيد مملوءة بغاز الهيليوم، والتي يطلق عليها اسم “بلوونز”، في الأعوام القليلة القادمة.

يقارن تيلر وأمثاله حالنا اليوم بالنسبة لمشاريع “السماء السوداء” الفضائية، بما كان عليه الإنترنت في أوائل تسعينيات القرن الماضي. ويرى تيلر نفسه وكأنه يعادل تماماً مستثمراً في إحدى شركات الإنترنت عندما كانت في بدايتها. ويوضح ذلك قائلا: “ظن الناس أنهم معتوهون في وقتها”، لكن شركات مثل “أمازون” و “إي-باي” برزت من قلب تلك الفترة.

بالرغم من المخاطر، فإن المكافآت المرتقبة تجعل مثل هذه الاستثمارات مغرية. يوضح أندرسن ذلك بالقول: “أنا من أتباع أفكار بيتر ثيل”، في إشارة إلى المتعهد الأمريكي الذي أنشأ شركة الدفع عبر الانترنت “باي بال”.

ويضيف: “تكمن وسيلة الحصول على عائد حقيقي لاستثماراتك في أحد أمرين: إما أن تقوم بشيء هو عملياً أفضل بعشر مرات مما هو عليه حال السوق بالفعل، أو أن تقوم بشيء جديد بالكامل.

يمكنك أن تتأمّل في حال شركات مثل “سبيس ـ إكس”، و”غوغل”، و “فيسبوك”: اخلق سوقاً جديدة، وإذا ما نجحت، فالعالم كله ملكك.

في الحقيقة، إن بعضاً من أكثر الأقسام الدخيلة على قطاع الصناعة الفضائية تحصل فعلياً على إيرادات. إذ تجني شركة تعدين الكويكبات “بلاناتري ريزورزس” أموالاً عبر عقود أبرمتها مع شركات وأفراد بالفعل ـ رغم أنه سيمر وقت طويل قبل أن تصل الشركة إلى تلك الكويكبات.

وقد أسس تلك الشركة إريك إندرسن، وبيتر دياموندس. وتتضمن قائمة إستشارييها أحد رواد الفضاء القدامى بوكالة “ناسا”، و “جيمس كاميرون”، الذي يُعرف بشكل أفضل بكونه مخرج فيلم “أفاتار” الذي تدور أحداثه حول تعدين أقمار الكواكب.

الرسالة التي تريد أن توصلها شركة “بلاناتري ريزورزس” للمستثمرين بسيطة، فهم يؤمنون بأن هناك مواداً في منطقة حزام الكويكبات ذات قيمة اقتصادية تكفي لوضع تعريف جديد للثروة على الكرة الأرضية.

يقول أندرسن: “من الصعب حتى تصور ضخامة الموارد الموجودة في منظومتنا الشمسية.” يمكن للاستثمار أن يؤدي إلى عائدات هائلة، وإيجاد فرصة لدعم جنسنا البشري، في وقت تبدأ فيه الموارد المحدودة للأرض في التضاؤل، حسبما يضيف.

التبشير برحلات فضائية بشرية هو مجال آخر يستحوذ على اهتمام المستثمرين الأفراد ـ مع أنه لا تتضح لنا تماماً الحكمة من الاستثمار في السياحة الفضائية وغيرها من المشاريع المشابهة

 

 

هذه جميعاً أسواق جديدة بالكامل. صحيح أن ما يقرب من 1,000 شخص قد دفعوا مقدماً ثمن تذاكر السفر على مركبات فضائية تجارية، لكن من الصعب أن نعرف فيما إذا كانوا يريدون أن يكونوا من الأوائل أم أنهم يمثلون حقاً سوقاً كاملة للسفر التجاري في الفضاء.

يقول أندرسن: “لا يعلم أحد بالضبط إن كان هناك طلب على ذلك أم لا. لا نعرف الإمكانيات الكامنة بعد، لكن في نفس الوقت، هذا ما يجعلها بالضبط مثيرة جداً”.

بالطبع، وكما هي الحال مع أي شكل من أشكال الاستثمار، تنطوي المسألة على مخاطر. مما لا شك فيه أن ثروات ستُجنى، لكن ستكون هناك مجازفة باستثمارات أخرى، وقد تكون هناك خسارة.

بعض الشركات ستفشل. المقارنة الموازية التي وضعها تيلر والتي تستشهد بازدهار الانترنت في أوائل تسعينيات القرن الماضي هي وثيقة الصلة بهذا الأمر، فقد برزت شركات ناجحة في تلك الفترة، لكن العديد غيرها أفلس بالفعل. على المستثمرين أن يأملوا في أن تكون خياراتهم هي الصائبة.

لا زالت النواحي الاقتصادية مبهمة، لكن تيلر يؤمن بقوة بالإمكانيات الواعدة، ويقول: “قريباً، ستشكل تجارة الفضاء 10 في المئة من الاقتصاد العالمي.

وتأتي هذه النسبة من مزيج من سوق الأقمار الصناعية الحالية التي أثبتت أنها جديرة بالثقة، وأفكار متعلقة بـ “السماء السوداء” التي أحرزت تقدماً، ومن المرجح أن تنجح أيضا، وكل أنواع الأفكار العرضية الأخرى التي لا زالت قيد النظر ولم تصبح جاهزة بعد لتوضع موضع التنفيذ.

لزمن طويل مضى، كان الفضاء يخص العلماء والمهندسين. “تستطيع أن ترى الآن قطاعاً صناعياً ينمو منه ليصبح أعمالاً تجارية مشروعة،” حسبما يقول أندرسن. ويضيف: “لا نعرف حتى هذه اللحظة كل الاحتمالات التي من شأنها أن تأتينا من الفضاء.

المصدر : موقع البي بي سي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى