شبكات اجتماعية

«بليفي».. شبكة اجتماعية لـ «مقايضة» الخدمات

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

لا تُعد فكرة المقايضة وتبادل السلع والخدمات بغيرها جديدة بأي حال، وتتعدد حالياً المنصات الرقمية التي تتيح لمُستخدميها عرض خدمات بسيطة أو إيجار منازلهم وسياراتهم لفترات قصيرة. ويستفيد موقع «بليفي» على الإنترنت من فكرة التبادل، ويسمح للأشخاص بعرض خدماتهم مقابل الحصول على أخرى.

ويشبه موقع «بليفي» Bliive البرازيلي منصة للإعلام الاجتماعي، ويتيح للمستخدمين عرض أداء خدمة خلال ساعة، كدروس اللغات والعزف والطهي وإصلاح الأجهزة الكهربائية وغيرها الكثير، ويمكن للمتلقين تقييم وكتابة تعليقاتهم على جودتها.

وبدلاً من تلقي مقدمي الخدمات أموالاً نقدية أو تحويلات مصرفية، يحصلون على عملة افتراضية تسمى «تايم موني» Time Money، ما يعني اعتماد الوقت كعملة، فيمكنهم استخدام الساعات التي قدموا فيها خدمة معينة لشراء خدمات أخرى، بحسب ما تضمن تقرير لموقع «بي بي سي».

ومثلاً تعمل ماريتسا ريبوكاس في المبيعات نهاراً، ومن خلال «بليفي» تقدم دروساً في طرق التنفس تساعد من يواجهون مشكلات صحية، مثل التوتر والقلق، وتستخدم في ذلك برنامج «سكايب» للمراسلة. وهي واحدة من بين أكثر من 100 ألف مشترك في موقع «بليفي».

وكسبت ريبوكاس 40 ساعة من الخدمات نظير دروس التنفس، وتمكنت بذلك من إنشاء موقعها الخاص بمساعدة أعضاء آخرين في الموقع، وقالت: «عرفت أن دفع مقابل مالي لشخص نظير إنشاء موقعي الخاص ليس رخيصاً، لكني استطعت أن أقوم بذلك كله بإيجاد آخرين في (بليفي) يمكنهم مساعدتي».

وأسست لورانا سكاريبوني، التي تبلغ من العمر 24 عاماً، وتدرس العلاقات العامة، موقع «بليفي» قبل عام ونصف العام. ويوظف الموقع حالياً نحو 12 شخصاً في مدينة ساو باولو البرازيلية. وطرأت فكرة الموقع لسكاريبوني بعدما شاهدت أفلاماً وثائقية تناولت اقتصاد المشاركة أو الاقتصاد التعاوني والعملات الافتراضية.

وقالت سكاريبوني إنه إذا ما كان الناس يتقبلون المشاركة في «كاوتش سيرفينجغ»، والسماح بدخول الغرباء إلى منازلهم، فهناك بالتأكيد إمكانية لتبادل شيء أكثر بساطة، وهو ساعة من إحدى الخدمات. و«كاوتش سيرفينغ» شبكة اجتماعية للمسافرين تُتيح لهم البحث عن فرص للإقامة لدى آخرين، وعرض استضافة غيرهم أثناء السفر.

ووصفت سكاريبوني موقع «بليفي» بأنه «شبكة اجتماعية لتبادل الوقت»، وقالت: «ننظر إلى هذه المنصة كحركة تبين للناس القيمة الحقيقية للتبادلات، وكيف يمكنهم تطوير أنفسهم بهذه الطريقة».

وطوّر «بليفي» مفهوم اقتصاد المشاركة أو «الاقتصاد التشاركي»، بعدما أسهمت في رواجه منصات، مثل «أوبر» و«إيربنب». ويوفر الموقع قناة لتبادل العرض والطلب على خدمات متنوعة، ويتخلص في الوقت نفسه من التعامل بالنقود كلياً. ويتضمن «بليفي» ما يزيد على 90 ألف خدمة، منها دروس لتعليم اللغات ونصائح صحية شخصية، وبذلك يفوق حجماً المواقع الأخرى القائمة على فكرة التبادل، مثل «بيبي سيتر إكستشنج» BabySitter Exchange، و«سواب سكيل» Swapaskill، و«تشور سواب» ChoreSwap.

ويصعب حساب القيمة المالية للخدمات التي يتبادلها مستخدمو «بليفي»، نظراً لتفاوتها في النوع والقيمة، لكن على سبيل المثال تصل قيمة ساعة من دروس التنفس التي تقدمها ماريتسا ريبوكاس إلى ما يُعادل 30 جنيهاً إسترلينياً في الساعة، وعليه تتجاوز قيمة الخدمات التي تبادلها مستخدمو «بليفي» مليوني جنيه إسترليني حتى الآن. ويجري ذلك كله في ظل إعفاء تام من الضرائب، إذ لا يمكن للسلطات تحصيل الضرائب على عمليات المقايضة.

وفي حين يستفيد مستخدمو «بليفي» مما يجنونه من «تايم موني»، لايزال من الصعب على شركة «بليفي» نفسها جني المال. ولا تحقق مختلف الشركات الناشئة المعتمدة على اقتصاد المشاركة أرباحاً توازي «أوبر» و«إيربنب» التي تُقدر قيمتهما بمليارات الدولارات.

ويوفر «بليفي» خدماته مجاناً للمستخدمين العاديين، كما لا يعرض إعلانات. ويرد أغلب تمويل الشركة من مستثمرين معجبين بفكرتها وفرصها المستقبلية. وقالت مؤلفة كتاب «الشبكة: لماذا تمثل المشاركة مستقبل الأعمال؟»، ليزا جانسكي، إنه إذا ما كنت واحداً من هؤلاء المستثمرين فلن تقلق حيال غياب نموذج مالي واضح، ففي الوقت الراهن تتم التبادلات ويتنامى المخزون، وبينت تجارب العديد من المنصات الرقمية أنه بمجرد توافر مجتمع كبير وأصول، توجد حينها سبل عدة لاستخلاص القيمة.

وترى جانسكي في موقع «لينكد إن»، الشبكة الاجتماعية الخاصة بالمهنيين والأعمال، مثالاً جيداً على ذلك، فمع تقديم خدماته مجاناً للأفراد، يحصل على رسوم من المهنيين نظير حصولهم على خدمات مميزة. وقالت: «لم أكن لأقلق في الوقت الحالي بشأن كيفية الحصول على القيمة، بل بإنشائها وتوسيعها».

وتسعى سكاريبوني لتحقيق بعض العائدات من خلال إطلاق خدمة مدفوعة للمتعاملين من الشركات، فيمكن للشركة أن تدفع مبلغ يصل إلى ثلاثة جنيهات إسترلينية مقابل كل موظف في الشهر، وبذلك تُتيح لموظفيها تبادل الخدمات المهنية والشخصية، مثل التدريب عبر «بليفي».

وكان من بين أوائل متعاملي «بليفي» من الشركات مركز للاتصال يضم 35 ألف موظف.

وشرحت سكاريبوني الفكرة بقولها: «أحياناً تستعين الشركات بأشخاص من خارجها لتدريس أمور مثل كيفية التحدث أمام جمهور، لكن ربما يكون لديك شخص موهوب جداً يجلس فقط على بعد مكتبين منك في الشركة نفسها»، وأضافت: «يمكننا ربط الشركة بالمواهب الموجودة فيها».

وافتتحت «بليفي»، أخيراً، مكتباً في العاصمة البريطانية لندن بمساعدة من برنامج «سيريوس» للأفكار العالمية المُبتكرة. وترى الشركة فرصاً واعدة في الأسواق الأوروبية، لاسيما مع اعتياد أغلب المستخدمين فيها على اقتصاد المشاركة.

وأظهرت إحدى الدراسات أن 30% من الأشخاص في بريطانيا سبق لهم التعامل مع واحدة من هذه الخدمات.

وتعتقد سكاريبوني بإمكانية نجاح «بليفي» في أسواق، منها اليونان وإسبانيا، بسبب معدلات البطالة المرتفعة، وافتقار الناس إلى الأموال النقدية للدفع مقابل الخدمات. واعتبرت أن التبادلات التي لا تتضمن نقوداً تمثل خيارات رائعة ليستمر الناس في تطوير أنفسهم، وقالت: «نرى أن كثيراً من الأشخاص يتخرجون بشهادات جيدة جداً دون أن يكون لديهم وظائف».

وفي الوقت الذي تتطلع فيه شركة «بليفي» لتحقيق العائدات، تحرص سكاريبوني على الاحتفاظ بالقيم الأساسية للموقع، وأكدت: «نستخدم هذه المواهب والقيم لإقامة عالم أكثر تعاوناً، وأقل تنافسية، وأكثر تركيزاً على قيمة الناس، وليس فقط قيمة المال».

 المصدر: الامارات اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى